نهلة الفهد: أعشق الأفلام الوثائقية، والقضايا الإنسانية همي
13 June، 2023
حوار غسان خروب
تجربة طويلة تمتلكها المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، خلالها بدت – ولا تزال – كفراشة تعوَّدت التنقل بين الدراما والسينما، لتعبر من خلالها عن رؤاها ونظرتها الخاصة حيال قضايا المجتمعات، وتقدمها بأسلوبها السينمائي الخاص، الذي ترجمته عبر العديد من أعمالها الروائية القصيرة والوثائقية إلى جانب تجربتها الروائية الطويلة المتمثلة بفيلم “218: خلف جدار الصمت” الذي طرقت من خلاله أبواب صالات العرض التجارية.
نهلة الفهد التي تعدُّ واحدة من “عيون السينما الإماراتية”، نجحت في حفر اسمها من ذهب في صفحات العمل السينمائي، واستطاعت التفوُّق عبر ما قدَّمته من أعمال درامية بدءًا من “حرب القلوب” وليس انتهاءً بـ “ساعة الصفر” و”دموع الأفاعي”، إلى جانب عملها الوثائقي “حجاب” لتؤكد من خلالها على نضارة بصمات المرأة الإماراتية في السينما.
وفي حوارها مع “كراسات سينمائية” عبَّرت المخرجة نهلة الفهد عن نظرتها الإيجابية للسينما الإماراتية وما تشهده من تطورات، وأكدت شغفها بالأعمال الوثائقية، وقربها من القضايا الإنسانية والمجتمعية، مشيرة إلى اعتزازها بفيلم “218: خلف جدار الصمت” الذي يمثل أولى تجاربها الروائية الطويلة.
للمخرجة نهلة الفهد نظرة إيجابية خاصة، حيال ما شهدته السينما الإماراتية من تطوُّر لافت عبر السنوات الأخيرة، حيث تقول: “الإمارات حققت مجموعة من الخطوات المدروسة التي منحت السينما المحلية بُعدًا عالميًّا أسهم في إعادة تشكيلها وتكوينها بطريقة جديدة، حيث لعبت مهرجانات السينما المحلية دورًا مهمًّا في ذلك، من حيث استقطابها لعدد كبير من صناع الأفلام والكتاب والممثلين والعاملين في صناعة السينما، من مختلف دول العالم، وهو ما ساعد على تحفيز صناع الأفلام الإماراتية، وأسهم في تطوير مهاراتهم ومواهبهم، من خلال مواكبتهم واطلاعهم على كمية كبيرة من الأعمال السينمائية العالمية”، مشيرةً إلى أن هذا الاستقطاب أسهم أيضًا في الإضاءة على مواقع مختلفة بالإمارات، جعلت منها منطقة سينمائية قادرة على منح صناع الأفلام ما يتطلعون إليه من مواقع جديدة على الشاشة، وتتناسب مع رؤاهم الإخراجية ونصوصهم المختلفة، مؤكِّدة بأن ذلك شكل دفعة لصناع الأفلام الإماراتية نحو الأمام.
صبغة خاصة
خلال السنوات الأخيرة، شهدت السينما الإماراتية تطورًا لافتًا من حيث تواجد أعمالها على شباك التذاكر، وأروقة صالات العرض التجارية، وفي هذا الصدد، وصفت نهله الفهد هذه الخطوات بـ “الصائبة”، وإنها تترجم طموحات صناع الأفلام الإماراتية. وقالت: “جميعنا ندرك بأن عملية إنتاج الأفلام تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وكوادر مؤهلة، والأهم قصص وحكايات قادرة على جذب الجمهور، وهي عناصر تتوفَّر في الأفلام التجارية بشكل عام، ومضي المخرجين الإماراتيين نحو إنتاج الأفلام التجارية، اعتبرها خطوة صائبة وضرورية؛ كونها تُشجِّع على اكتساب خبرات جديدة في مجالات العمل السينمائي، والتعامل مع صالات العرض، ومعرفة اهتمامات الجمهور بشكل عام، بالإضافة إلى مساهمتها في تسليط الضوء على المواهب التي تقف وراء هذه الأعمال، وتعمل باجتهاد على تقديمها للجمهور”، وأكدت نهله أن العمل على الأفلام التجارية يختلف تمامًا عن نظيرتها الفنية؛ كونها تتطلب صبغة خاصة قادرة على تلبية اهتمام الجمهور على اختلاف توجُّهاته.
جميعنا ندرك أن عملية إنتاج الأفلام تحتاج إلى ميزانيات ضخمة وكوادر مؤهلة، والأهم قصص وحكايات قادرة على جذب الجمهور، وهي عناصر تتوفَّر في الأفلام التجارية.
خلف جدار الصمت
تجربة نهلة الفهد السينمائية لم تكن بعيدة عن صالات العرض، التي طرقت أبوابها عبر فيلمها الروائي الطويل “218: خلف جدار الصمت”، الذي يعدُّ تجربتها الإخراجية الأولى في الفيلم الطويل، وفي هذا السياق، أشارت إلى أن هذه التجربة “كانت خاصة من ناحية الإعداد والإخراج، حتى الظروف المحيطة بعملية تصوير وإنتاج العمل”. وقالت: “أعتز كثيرًا بهذا العمل، الذي كان نتاج “التجربة الفنية الإماراتية” التي دعمتها مدينة الشارقة للإعلام “شمس” في 2019، بهدف إعداد أجيال شابة تعشق العمل السينمائي، حيث استغرق العمل على التجربة نحو عام كامل”، وأضافت: “سيناريو فيلم “218: خلف جدار الصمت” كان مقتبسًا من مجموعة النصوص القصيرة التي قدمت في “التجربة الفنية الإماراتية”، حيث تمت صياغتها بطريقة تتناسب مع الفكرة، وظروف الفيلم الذي استغرق الإعداد له، وتصويره نحو 3 أشهر، ومثلها في أعمال المونتاج”.
وبيَّنت نهلة الفهد أن الفيلم يناقش قضية “العنف الأسري”، وقالت: “هذه القضية ليست محصورة في مجتمع معيَّن، وإنما لها صبغة عالمية، وبطبعي أفضل العمل على القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تحمل بين طياتها أهدافًا توعوية”، وواصلت: “بالنسبة لي كنت متشوقة جدًّا لخوض تجربة إخراج الفيلم الروائي الطويل التي تختلف تمامًا عن الفيلم القصير أو المسلسلات الدرامية، ومن أجل إنجاح التجربة كان ضروريًّا العمل باجتهاد على السيناريو، وإعادة قراءته مرَّات عديدة؛ للتأكُّد من قدرته على إيصال الفكرة وأهدافها التوعوية”، مبينة في هذا السياق، أن الفيلم نجح في دخول أروقة صالات العرض، قائلة: “عرض الفيلم في 2040 دار سينما، واستمر عرضه نحو شهر كامل، وحظي بإشادة وتغطية إعلامية واسعة، بالإضافة إلى حصوله على تصنيف عالٍ على موقع (IMdB) العالمي، وقريبًا سيتم عرضه على إحدى المنصات الرقمية، وهو ما أعتبره نجاحًا لافتًا لأول تجربة طويلة أخوضها”.
أعتز كثيرًا بفيلمي “خلف جدار الصمت”، فقد كان نتاج التجربة الفنية الإماراتية التي دعمتها مدينة الشارقة للإعلام “شمس” عام 2019.
أفضل العمل على القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تحمل بين طياتها أهدافًا توعوية.
اهتمام
تجارب نهلة الفهد التي تعكف حاليًا على قراءة مجموعة من النصوص؛ تمهيدًا لتحويلها لأعمال سينمائية طويلة، بدت واسعة لتشمل أيضًا الفيلم الوثائقي، وهو ما ترجمته في عملها “حجاب” (2015)، وفاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان طريق الحرير الذي أقيم آنذاك في إيرلندا، إلى جانب مجموعة أخرى من الجوائز الدولية، وحول هذه التجربة تقول: “للأفلام الوثائقية سحر خاص، وتتميز بإيقاعها ولونها المختلف عن أنواع الأفلام الأخرى، حيث أعتبرها بمثابة بحث ضخم ومتخصص؛ كونها تعتمد على نظرية الاستكشاف لما وراء الأشياء أو القضايا المختلفة”. وتتابع: “أشياء كثيرة في الحياة تثير فضولي، وتدعوني لطرح الكثير من الأسئلة حولها، ومن هنا جاء عشقي لهذه الأفلام التي تحفِّزني على استكشاف مختلف الأشياء المتعلقة بالحياة والتاريخ، وحتى طباع البشر”، وتواصل: “أحبُّ دائمًا متابعة هذه النوعية من الأعمال، سواء كانت عربية الصنع أو عالمية، وأهتم كثيرًا بما تقدمه من معلومات وحوارات ومشاهد، وحتى طرق تصوير، فهي تكشف عن حجم الجهد الذي يقف وراءها”، مشيرة إلى أن فيلمها “حجاب” يعكس شغفها تجاه هذه النوعية من الأعمال، قائلة: “فيلم “حجاب” استغرق وقتًا طويلًا في البحث والتصوير، وفيه سعي لتسليط الضوء على موضوع غطاء الرأس، وتقديم نظرة تحليلية للحجاب، وماهيته وأسبابه وضروراته ونظرة الآخر له، وأعتقد أن حجم البحث الذي بذل في الفيلم، لعب دورًا مهمًّا في نجاحه خليجيًّا وعربيًّا وعالميًّا”.