مقالات

كلمة التحرير: الجرأة على الحلم
13 June، 2023
يتواكب صدور هذا العدد مع مرور عقدٍ من الزمن على انطلاق فيلم “وجدة” للمخرجة السعوديَّة هيفاء المنصور، فلم نشأ أن تفوتنا فرصة التوقُّف عنده؛ كي نرصد المسافة الزمنيَّة بين رغبة طفلة في الحصول على درَّاجة، وما تحقَّق للمرأة اليوم. من قيادة دراجة هوائيَّة إلى قيادة السيارة، إلى الإسهام في قيادة المجتمع ومؤسَّساته. هذا على مستوى القضايا التي عالجها الفيلم. أما على صعيد جماليات السينما وتطوُّرها منذ ذلك الحين، فسيبقى فيلم “وجدة” واحدًا من أفلام قليلة أنتجتها السينما في بلدان تجعل من الطفولة ورغباتها مدخلًا لمعالجة أحلام المجتمع، وإحالة كامل تطلُّعاته إلى أمور تمسُّ بصورة عميقة ومصيريَّة حياته وتاريخه. عبر أكثر من مستوى جمالي وفني. ويمكن ملاحظة تطوُّر التجربة، ليس عند المنصور وحدها، ولكن في مجمل الإنتاج السينمائي خلال السنوات العشر الأخيرة. وعند صناع السينما الرجال، كما هو عند المرأة. تجرَّأت هيفاء المنصور على الحُلم، فتحقَّق لها الكثير بعد معاناة شهدها الجميع.
إضافةً إلى الاحتفاء بهذه المناسبة، فإن العدد الجديد يحمل بين صفحاته عشرات المواضيع المتنوِّعة، فضلًا عن الملف الذي خصَّصناه لرحيل المخرج الفرنسي جان لوك غودار، وما يمثِّله من قيمة جماليَّة وفكريَّة وسينمائيَّة؛ بوصفه رائدًا لتيار الموجة الجديدة، وما تحلَّى به من مواقف شجاعة. أيضًا يتضمَّن العدد نشر سيناريو فيلم الحبِّ، الذي فاز بجوائز مهمَّة. كما ينطوي العدد على قراءات معمَّقة- إلى حدٍّ كبير- عن أفلام: “بلوغ”، و”قبل أن ننسى”، و”قدر” و”تار”… وبين صفحات العدد كذلك إطلالة على أفلام بريستون. وتشمل مواضيع العدد حوارات مع الممثِّل فيصل الدوخي، والمخرج خالد زيدان، ومقالًا حول الأفلام المصريَّة، وصالات السينما في السعوديَّة، وما سينعكس مستقبلًا على صورة السعودي والخليجي في الفيلم المصري. توجد أيضًا إطلالة على النسخة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ورصد ما لها وما عليها. كما يحوي هذا العدد مواضيع حول السينما الإيرانيَّة والكرديَّة واليمنيَّة. ودراسة حول الطبقة واللون والعصيان في أفلام أحمد زكي. وغيرها من المواضيع المهمَّة التي تعكس ما تتطلَّع “كرَّاسات سينمائيَّة” إلى طرحه باستمرار في أعدادها المتتالية.
تهتمُّ “كراسات سينمائيَّة” بالتنوُّع الذي يثري المتلقي ويعمق من رؤاه. وتفرد مساحة للمختلف من المقاربات السينمائيَّة. وتسعى إلى إضاءة السينما الناشئة في بعض البلدان العربيَّة. كما تسلِّط الضوء على مكابداتها كي يكون لها حضور ومكان في سينما العالم.
كلُّ يوم يخطو فيه الحراك السينمائي في السعوديَّة خطوة إلى الأمام، يمثِّل تحدِّيًا لــ “كرَّاسات سينمائيَّة”. تلك التي تسعى لأن تكون مرآة لكلِّ ما يجري سينمائيًّا. والتي ما يزال أمامها الكثير لتقدِّمه؛ نقدًا ومؤازرةً وإضاءةً وتقييمًا…