أنا والسينما
6 December، 2023
هناء حجازي
الشاشة الكبيرة، الشاشة الساحرة، الشاشة التي خطفت بصري منذ أول مرة جلست أمامها، لا أتذكر بالضبط كم كان عمري، أربع سنوات ربما، وأين كان ذلك، في حفل عُرس أحد الأقارب، في سطح بيتهم في مكة. ربما.
هكذا عرفت مدى تعلقي بهذا الفن، كيف كنت أفرح في أي مناسبة يمكنني فيها أن أشاهد عرضًا سينمائيًّا، كان هناك حوش سينما بالقرب من بيت جدتي في جنوب جدة، النزلة اليمانية، كنا نشتري التذاكر على باب المكان، وندخل، أطفالًا وكبارًا، أفلام مصرية في الغالب. أعود وأنا مبهورة الأنفاس. السينما شيء مختلف عن التلفزيون، هذا ما أدركته في سنوات الطفولة.
كان أبي يأخذنا أحيانًا لمشاهدة الأفلام التي تعرض في نادي الاتحاد، شاهدت فيلما لبروس لي، أعتقد أنه كان السبب في كراهيتي لأفلام العنف ومناظر الدم.
كان هناك حوش سينما بالقرب من بيت جدتي في جنوب جدة، كنا نشتري التذاكر من على باب المكان، وكنت أعود منه منبهرة.
سينما حقيقية
أول فيلم شاهدته في سينما حقيقية كان في الإسكندرية، برفقة أختي التي تصغرني، كان فيلمًا للأطفال، أو أن بطلته طفلة، كل رحلة للسينما كانت تزيد من عشقي لهذا الفن. ظللت أتابع الأفلام، وأستمع إلى صانعيها يتحدثون، أتابع الفنانين، أشاهد كلَّ الوثائقيات اللي تتحدث عن عباقرة هذا الفن، المصورين، مصممي الأزياء، كاتبي السيناريو. كل ماله علاقة بالسينما كان يشدني. ولا يزال. من بعيد، كل ذلك كان يتم من بعيد.
ذهبت مرة مع المثقف الكاتب إبراهيم منصور لمشاهدة العرض الخاص لفيلم الكيت كات، كان صديقًا مقربًا لإبراهيم أصلان، كانت أول مرة أقترب من هذا العالم عن قرب. لكن لم أتحدث إلى أحد. كنت فقط أشاهد الفرح والصخب والاحتفال بمولود جديد، فيلم جديد في غاية الإحكام والإمتاع.
هيلاري سوانك
سلمت مرة على السينمائي البارع داود عبد السيد في النادي اليوناني في القاهرة، أخبرته بحماس كم أحب أفلامه. وكنت أعتقد أنني لا أقترب من المشاهير أو أضايقهم في المحلات العامة، لكنني فعلت ذلك مع هيلاري سوانك حين رأيتها في مطعم في فانكوفر، وأخبرتها أنني من السعودية وأنني أحب أفلامها. نعم أشعر بالحرج لأنني فعلت ذلك، لكن هذا ما فعله بي عشقي للسينما وأهلها.
كتبت وأكتب عن أفلام أحببتها، ليس بشكل علمي، وليس نقدا سينمائيًّا، أعرف أني لا أملك أدواته، إنما انطباعات محب لها، شخص أمضى حياته يحب الأفلام ويتابعها.
حتى حين كانت السينما غير متوفرة أو قريبة، ظللت أتابعها على المنصات المختلفة، وسأظل أشاهدها على مختلف المنصات، لا يوجد طبعًا مقارنة بمشاهدتها في مسرحها، لكن، من المستحيل أيضًا ملاحقة جميع الأفلام في دور العرض.
منحني هذا العشق في النهاية دعوة من مهرجان أفلام السعودية، نلت مكافأتي على هذا الحب الذي أكنه لهذا الفن العظيم. وأصبحت بعد أن كنت أتابعه من بعيد، في وسطه، في المرة الأولى أبهجتني دعوة الشاعر الجميل والمسؤول الأول عن المهرجان أحمد الملا، بالمشاركة في ندوة عن الرواية السعودية في الأفلام السعودية، والسنة التالية، اختِرت لأكون ضمن لجنة تحكيم السيناريو غير المنفَّذ.
في كل مرة أغوص أكثر في السينما، أتعرف على ناس أكثر، يشدني النهر إلى أعماقه أكثر وأكثر. نهر السينما، ياله من نهر عظيم.
كنت أعتقد أنني لا أقترب من المشاهير أو أضايقهم في المحلات العامة، لكنني فعلت ذلك مع هيلاري سوانك حين رأيتها في مطعم، وأخبرتها أنني من السعودية وأحب أفلامها.