خالد زيدان: أصنع كل شيء في الفيلم.. ولا أعتبر نفسي كاتبا للسيناريو
13 June، 2023
أحمد العياد
يعدُّ خالد زيدان أصغر مخرج عرفته السينما السعودية، فهو ما يزال في الحادية والعشرين من عمره، لم ينتهِ من دراسته بعد، ورغم ذلك أمكنه الحصول على عدد من الجوائز عن أفلامه القصيرة، ففي عام 2020 فاز بجائزة “النخلة الذهبية” لأفضل فيلم وثائقي ثانٍ عن عمله “حواس”، وفي العام نفسه حاز على جائزة “جازان للإبداع” فرع الفيلم السينمائي عن عمله “طوق نجاة”، وجائزة الشراع الفضي من مهرجان الخليج عن فيلمه “عثمان”، وجائزة لجنة التحكيم من مهرجان البحرين السينمائي عن العمل نفسه، أما فيلمه “الطفل في خزانة الملابس” فقد فاز عنه بجائزة أفضل فيلم في تحدِّي HR24، حيث تم إنجاز الفيلم كاملًا في أقلَّ من 48 ساعة.
ويعتبر زيدان مخرجًا شابًّا صاحب آراء وأفكار جريئة، ومن ثم يرى أن الفارق بينه وبين الأجيال السابقة عليه، أنهم عانوا في ظلِّ ما عُرف بالصحوة، بينما تأثيرها لم يصل إليه، ويقول إنه حتى لو كان قد عانى منها، فإنه ما كان سيتحدَّث عنها في أعماله مثلما تظهر في أعمالهم.
يقول أيضا إنه يحب في أعماله الذهاب إلى المناطق الإنسانية والشخصية، كما في فيلمه “عثمان”؛ إذ إنه يميل إلى الواقعية التي تركِّز على الفئات المهمَّشة في المجتمع، ويُراهن على نقيض الصورة النمطية لدى الناس.
أسلوب خاص
ساعدت خالد زيدان نشأتُه، في بدايته السينمائية، على أن يصبح صانعَ أفلامٍ، رغم أنه لم يدرس صناعة الأفلام إلا من خلال الكتب ودورات تدريبية عبر الإنترنت، ويؤكد ذلك قائلًا: “إنني اعتمدت على التعلم الذاتي بشكل كبير، حتى أنني لم أسافر خارج السعودية لدراسة السينما، وعندما بدأت كان عمري تقريبا ما بين 15 و16 عامًا، في هذه الفترة كانت الهواتف المحمولة ذات الكاميرا قد ظهرت، فكنت أقوم بتصوير أفلام من خلال كاميرا الجوال، وباستخدام أدوات بسيطة استطعت أن أقوم بإخراج أفلام بشكل مبسَّط”.
خالد زيدان كان قد ذكر لوسائل إعلامية، أن الفيلم الأجنبي “سائق التاكسي” كان بمثابة الخلفية لفيلمه “عثمان”؛ إذ إنه يعتقد أن هذا الأمر مهمٌّ جدًّا بالنسبة له ولفريق العمل؛ لأنه يعرف من خلاله الخط الذي ينبغي عليه اتباعه، خاصة أنه ما يزال حديث عهد بصناعة السينما، ويحتاج بوصلة تساعده على العمل، “فما زلت أحاول بناء الأسلوب الخاص بي في الوقت الحالي، ومن ثم أتعمَّد أن يكون لكل فيلم خلفيته، ويمكن للكاتب أو السيناريست أن يعطي الشخصيات والفيلم خلفية ما، لكن المخرج بالتأكيد له رؤيته التي قد تختلف عن رؤية الكاتب، المهم أن يكون هناك تناغم بينهما لتقديم عمل جيد”.
ورغم ذلك فلا يعتبر خالد زيدان نفسه كاتبًا للسيناريو، وإنما لديه القدرة على انتقاء السيناريو الأكثر تميزًا وإبداعًا، ويقول لـ “كراسات سينمائية” “لدي القدرة على وصف الفيلم وإخراجه، وقد أكون غير قادر على الكتابة حتى الآن، لكن من الممكن اكتشاف قدرتي على ذلك مع الوقت”.
يعمل زيدان حاليًا على معالجة فيلم طويل، ويقول حول ذلك: “لكنني لست كاتب السيناريو، وعملي مع الكاتب عبد العزيز العيسي كان تجربة عظيمة وممتعة، فقد حدثت بيننا كيمياء واضحة، قدَّمنا من خلالها فيلمين، مما جعلنا نفهم بعضنا بشكل أكبر، صحيح أنه قد تكون هناك حساسية بين المخرج والكاتب بسبب التنافس أو أمور أخرى، إلا أنني أرى أن السينما عملية تكاملية، وما حدث بيننا خلال فترة العمل لم يكن خلافًا أبدًا، فكلٌّ منا سعى لإبداء رأيه للآخر، ومن ثم طورنا نسخة الفيلم ثماني مرات خلال ثمانية أشهر، وقناعتي أنه لا بدَّ للكاتب أن يفهم المخرج والعكس أيضًا؛ لأن بعض المخرجين لا يحترمون الهيكل الذي وضعه الكاتب”.
لست كاتب سيناريو، وعملي مع عبد العزيز العيسي تجربة عظيمة وممتعة، قدَّمنا من خلالها فيلمين.
الطفل في خزانة الملابس
“الطفل في خزانة الملابس” فيلمه الذي صوَّره وأخرجه في أقلَّ من ثمانية وأربعين ساعة، كان بمثابة التحدِّي بالنسبة لأغلب المخرجين، لكن بالنسبة له فهو أمر عادي، لأنه اعتاد تقديم أفلام مستقلة، يكون هو فيها المخرج والمصور والمونتير وكلَّ شيء؛ لذا لم يكن الأمر صعبًا عليه، وإن كانت التجربة ككل بها جانب من الصعوبة، فعبد العزيز العيسي كان سريعًا للغاية في الكتابة، حتى أنه قدم خمس نسخ من الفيلم، وقام بتطوير الكتابة فيها بشكل سريع، فضلًا عن طبيعة الفيلم وظروف إنتاجه، فلم يكن وراء الكاميرا غير ثلاثة أشخاص، فضلًا عن الممثل.
يقول زيدان “قمتُ بإنجاز الفيلم ومونتاجه، لكن قبل أن ندخل إلى العمل كنا قد حضَّرنا لكلِّ شيء بشكل نهائي، وقد عُرض الفيلم في مهرجان البحر الأحمر، وستكون له جولة في عدَّة مهرجانات ومشاركات أخرى، لكنها لم تُحدَّد بعد”.
ويؤكد زيدان أنه مهتمٌّ بالجانب البصري في كلِّ شيء في الحياة، وليس في السينما فقط، وأن لديه اهتمامًا بالفن التشكيلي أيضًا؛ لذا يشغله دائمًا العنصر البصري في الأفلام، يشرح هذا الأمر قائلًا: “تعلمت التصوير بالأساس قبل تعلُّم الإخراج، الأمر الذي دفعني لأن أكون مخرجًا ومديرَ تصويرٍ، إضافة إلى أن تجاربي في السينما جاءت عبر أفلام مستقلة وليست ممولةً، ففيلم “عثمان” مثلًا كلفني 35 ألف ريال؛ لذا فأنا مضطر لأن أكون المخرج ومدير التصوير في الوقت نفسه، وقراري القيام بالدورين يرجع إلى عدم قدرتي على الاستعانة بمدير تصوير من خلال الميزانية التي أضعها للعمل، لكنني مستقبلًا سأكتفي بدوري كمخرج، وسيكون هناك مدير للتصوير”.
يحب المخرج خالد زيدان ما يُقدِّمه في تجربته بخصوص الأفلام الوثائقية، ومزجه بين الوثائقي والدرامي، وهو يقدِّم ذلك بتركيز شديد، أمنياته كانت أن يقدم أفلامًا روائية فحسب، إلا أنه اكتشف مدى حبه للأفلام الوثائقية والروائية معًا، وأنه قادر على تقديمهما بطرق متميزة، إلا أنه تحدث عن صعوبة يواجهها في الأفلام الوثائقية، “أنه لا يوجد لديك ممثلون تعطيهم نصائح، ولا تستطيع التحكُّم في أي شيء، لكن هناك ميزة في المقابل، وهي أن صوت المخرج فيها يكون تأثيره أقوى منه في الفيلم الروائي؛ لأنك تتعامل مع معطيات حقيقية وليس سيناريو مكتوبًا مسبقًا، ومن ثم يظهر هنا دور المخرج في كيفية توصيل القصة للناس بشكل مباشر، أيضًا هناك نقطة مهمة، وهي أنك لا تعلم في الفيلم الوثائقي خطةَ التصوير، فعملية الإخراج في الأفلام الوثائقية تبدأ في مرحلة ما بعد الإنتاج”.
يُخطِّط زيدان في المرحلة الحالية لتقديم فيلم روائي طويل؛ لأن هناك من وجهوا له لومًا بأنه تأخَّر في اتخاذ هذه الخطوة، يقول “عندما قدمت فيلم “عثمان” حاول البعض إقناعي بأن يكون فيلمًا طويلًا، ولا أعرف ما سرُّ الهوس بالأفلام الروائية الطويلة، لكن حتى الآن مشروعي القادم مع عبد العزيز هو فيلم قصير، وما زلنا بمرحلة تصويره، ولم يتم الانتهاء من إنتاجه، وليس لدينا رغبة في عرضه بمهرجان محدَّد، لأننا نصنع أفلامًا يشاهدها الجمهور وصناع الأفلام، وليس فيلمًا موجهًا لفئة بعينها”.
ويؤكد خالد زيدان عدم رغبته في التعاون مع كاتب محدَّد، معتبرًا نفسه شخصًا يصنع أفلامًا جيدةً، ويرغب في أن يكون جزءًا من الحراك السينمائي، وأن يكون جزءًا من هذه المرحلة التي سيتذكَّرها الجمهور في المستقبل.
فيلم “عثمان” كلفني 35 ألف ريال؛ لذا فأنا مضطر لأن أكون المخرج ومدير التصوير في الوقت نفسه.
عندما قدمت فيلم “عثمان” حاول البعض إقناعي بأن يكون فيلمًا طويلًا، ولا أعرف ما سرُّ الهوس بالأفلام الروائية الطويلة.