السينما السعودية حديث العالم
كلمة التحرير
12 August، 2024
في الأشهر الأخيرة، بداية من ديسمبر 2023 إلى الآن، حقَّقت السينما في السعودية خطوات غاية في الأهمية على أكثر من صعيد. من بينها خروج أفلام مهمَّة، مثل “مندوب الليل”، “ناقة”، “أحلام العصر” و”نورة”. تلك الأفلام التي عرضت في الدورة الأخيرة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، إضافة إلى فيلم “آخر سهرة في طريق ر”، الذي دفع بالسينما السعودية بعيدًا.
بهذه الأفلام يمكن القول، وبكل ثقة، بوجود سينما سعودية آخذة في التطور بوتيرة منتظمة، وقطعت مسافات طويلة في وقت يسير، فكلُّ فيلم من هذه الأفلام تحلى بأسلوبه المميَّز، وعاين موضوعه من زوايته الخاصة. وجميعها أفلام تعالج قضايا وثيمات موجودة في المجتمع.
حفاوة نقدية
تمَّ استقبال هذه الأفلام بحفاوة نقدية واضحة، وإقبال جماهيري كبير، بل كان كبيرًا جدًّا بالنسبة لبعض الأفلام، فشهد شبَّاك التذاكر نفاد مئات الآلاف من التذاكر. ويعني ذلك عوائد مالية ممتازة، سواءً بالنسبة لصناع هذه الأفلام، أو لصناعة السينما السعودية بشكل عامٍّ. أما الاحتفاء النقدي فقد كان متفاوتًا، حيث تم الاحتفاء بصورة كبيرة بأفلام معيَّنة، ورحب بقدر من التحفُّظ بأفلام أخرى. على أن التحفُّظ مسألة طبيعية في بدايات أي صناعة، خاصة عند مواجهة صدمات فنية، وجموح في معالجة غير متوقعة. لكن بشكل عام يوجد ارتياح للخطوات الكبيرة التي يقطعها السينمائيون السعوديون.
أفلام مثل “هجان” و”حوجن” وشباب البومب”، هي أفلام سعودية لقيت صدى جماهيري كبير، وبعضها فاز بجوائز مهمَّة، وهذه أيضًا تقدم إسهامًا ممتازًا في تطوير السينما السعودية، غير أن بعض مخرجي هذه الأفلام، وهم من المخرجين العرب والأجانب، في تعاملهم مع هذه الجوائز منح طابعًا ليس على قدر الحماس الذي رأيناه في الأفلام الأخرى، رغم الأداء الرفيع الذي قدمه الممثلون السعوديون في كثير من هذه الأعمال.
السعودية في “كان”
في السياق نفسه، مثَّل اختيار فيلم “نورة” لتمثيل السعودية رسميًّا في مهرجان كان- كأول فيلم سعودي يقتحم هذا المهرجان العالمي- إنجازًا تاريخيًّا مدويًّا. هذا الاختيار الذي يدشن، بدوره مرحلة جديدة في التعاطي العالمي مع السينما السعودية، ويمكن اعتبار حصول الفيلم على تنويه لجنة التحكيم جائزة في حدٍّ ذاته، على أن الجائزة الكبرى هي احتشاد المئات لمشاهدة الفيلم في المهرجان، علاوة على أن هذا الاختيار وفَّر مناسبة مثالية للكلام والنقاش حول السينما السعودية، وما يمكن أن تفاجئ به المهتمين من حضور وتطور وقدرة على المنافسة، وإثارة نقاش واسع عبر وجهات نظر متعدِّدة، وذلك في كنف المهرجان الأكثر شهرة واستقطابا للاهتمام، ومن جانب السينمائيين وغير السينمائيين. باختصار كانت السينما السعودية حديث العالم، حسبما عبر أحد النقاد في الدورة الأخيرة من مهرجان “كان”.
الخطوات التي أنجزتها السينما السعودية في وقت قصير، لم تكن غريبة ولا مفاجئة، بل متوقعة؛ ومتوقعة جدًّا، ليس لأن المشتغلين بالسينما يشعرون بمسؤولية كبيرة، ولديهم طموحات هائلة، ولكن أيضًا بسبب الدعم متعدِّد الأطراف والأوجه، لهذه السينما ولشكل حضورها في العالم.