• English
  • 14 يناير، 2025
  • 10:50 م

السينما السعودية: عين على المستقبل

السينما السعودية: عين على المستقبل

9 June، 2022

إعداد فريق التحرير

أفرد تقرير الحالة الثقافية الذي أصدرته وزارة الثقافة السعودية ملفًا للسينما، أو العروض المرئية، وتتبع فيه جملة أمور تخص نشأة هذا الفن في السعودية، ثم تطور حضوره من مرحلة إلى أخرى، إضافة إلى وجوده كفن كان الناس وما يزالون يقبلون عليه، سواء في السينما التي كانت الأندية الرياضية تتبناها، أم في الأحواش، وهي الفضاءات المفتوحة، التي كانت سائدة في السبعينيات وبدايات الثمانينيات الميلادية في عدد من مدن السعودية، قبل أن تُغلق هذه لعقود من الزمن، لتعود مشاهدة الأفلام في صالات عرض بمواصفات عالمية.

سينما الأحواش

ونظر لأهمية هذه الملف، كونه يخص بلدا واعدا في شكل كبير سينمائيا، ولأنه يتطرق إلى تفاصيل وتحديات واجهت وما تزال تواجه الفيلم السعودي، فإننا نحاول هنا تقديم مقتطفات منه:

بحسب التقرير فإن أول فيلم سعودي “يتم إنتاجه بشكل رسمي في المملكة، ويشارك خارجيًا في مهرجان دولي كان فيلم “اغتيال مدينة” في عام 1976، من إخراج وإنتاج رائد السينما السعودية عبدالله المحيسن”.

أكثر من أربعة عقود على انطلاقة السينما السعودية، تمثيلا وإخراجا وإنتاجا، فترة تبدو طويلة نوعا ما وكافية جدا لتشهد السينما في السعودية ازدهارًا على صعيدي الكم والنوع، إلا أن أيًا من ذلك لم يحدث سوى في السنوات القليلة الأخيرة، وعبر إنتاج سينمائي يغلب عليه طابع الأفلام القصيرة، عدا بضعة أفلام روائية حققت ذيوعًا لأصحابها وحضورًا جيدًا في مهرجانات دولية، وبعضها حصد جوائز. التقرير يشير إلى جهود بعض الرواد في الإنتاج والإخراج السينمائي في دول عربية مثل الفنان فؤاد بخش الذي أنتج الفيلم المصري “ويبقى الحب” عام 1987م من بطولة كل من فريد شوقي وسهير رمزي، إضافة إلى محمد فوزي قزاز الذي أنتج ما يقارب ١٤ فيلمًا طويلًا.

الانفتاح على المنتج العالمي

ذكر التقرير أن الأفلام القصيرة هي الغالب على الإنتاج السينمائي السعودي، الذي شهد كثافة في إنتاج هذه النوع من الأفلام في مطلع الألفية الجديدة، وكانت هذه الأفلام، بحسب التقرير، تجد في مهرجانات الأفلام المقامة في الإمارات العربية المتحدة منصة لها، على الرغم من الضعف، الذي يمكن للناقد ملاحظته في “أساسيات التنفيذ التقنية والفنية، وكذلك ضعف في السيناريو، والقدرات الأدائية في التمثيل”.

ظلال الصمت

ومما يذكره التقرير أن إنتاج الأفلام الطويلة نما بشكل ملحوظ بدءًا من عام 2006م بإنتاج فيلمين: الأول كان بعودة إنتاج المخرج المخضرم عبدالله المحيسن مع فيلم “ظلال الصمت”، وشارك في مهرجانات دولية عدة، ثم عُرض لاحقًا في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض في ملتقى المثقفين السعوديين في 2011م. أما الفيلم الثاني فعنوانه “كيف الحال”، الذي شكل علامة فارقة كأول فيلم سعودي يُعرض بشكل تجاري، وهو من إنتاج شركة روتانا، وتم تصويره في الإمارات. وفي عام 2007 أنتجت روتانا فيلمًا طويلًا آخر بعنوان “مناحي”، وهو مقتبس عن المسلسل الكوميدي السعودي بالعنوان نفسه، ويُعد هذا الفيلم أول فيلم سعودي يُعرض بشكل رسمي داخل المملكة في ثلاث مدن سعودية في 2008م، قبل أن يتم إيقاف العرض، وقد حظي بإقبال كبير من الجمهور السعودي لمشاهدته.

أكثر من أربعة عقود على انطلاقة السينما السعودية، تمثيلا وإخراجا وإنتاجا، فترة تبدو طويلة نوعا ما وكافية جدا لتشهد السينما في السعودية ازدهارا على صعيدي الكم والنوع.

المهرجانات السينمائية

مع غياب منصات عرض للأفلام داخل المملكة، بدت الحاجة ملحة لإقامة مهرجانات سعودية لتكون منافذ عرض لصناع الأفلام الذين تتزايد أعدادهم وطموحاتهم كل عام. وبدأت قصة المهرجانات السينمائية في المملكة من نادي المنطقة الشرقية الأدبي عام 2005م، حين قرر أحد أعضاء مجلس الإدارة وهو الشاعر أحمد الملا البدء بعرض أفلام في مقر النادي بالدمام. وفي عام 2008 اقترح الملا إقامة مهرجان للأفلام السعودية الذي انطلق في الدمام بعنوان مسابقة أفلام السعودية مع التحفظ على ذكر كلمة “سينما” في عنوان المهرجان. وقد تم خفض سقف قبول المشاركات؛ بالنظر إلى أنها مسابقة أولى تهدف إلى “جذب أكبر عدد من صُناع الأفلام المبتدئين ورفع الحواجز عن محاولاتهم الأولى”.

ممدوح سالم

في جدة بدأ نشاط مشابه في عام 2006م حمل اسم مهرجان جدة للعروض المرئية بإدارة المخرج ممدوح سالم، وقد شاركت فيه ثمانية أفلام سعودية قصيرة وأخرى خليجية، وبدأ المهرجان مقتصرًا على عرض الأفلام، لينتقل في العام التالي إلى مسابقة بجوائز مقسمة لفئات مختلفة من الأفلام لتوفير بيئة تنافسية لصناع الأفلام. إلا أن المهرجان ألغي في دورته الرابعة. وتوقفت إقامة مهرجانات ومسابقات الأفلام داخل المملكة بعد ذلك سنوات عدة حتى عام 1436هـ/2015م مع عودة مسابقة أفلام السعودية تحت اسم جديد “مهرجان أفلام السعودية”، التي تقام سنويًّا.

في عام 2008 اقترح أحمد الملا إقامة مهرجان الأفلام السعودية الذي انطلق في الدمام بعنوان “مسابقة أفلام السعودية”. وفي جدة بدأ نشاط مشابه في عام 2006م حمل اسم مهرجان جدة للعروض المرئية بإدارة المخرج ممدوح سالم.

في عام 2012م انطلقت مهرجانات ومسابقات تلفزيونية، حيث نظمت شركة روتانا للإنتاج الدورة الأولى من مهرجان الفيلم السعودي الذي توقف عند نسخته الثانية في العام التالي. إذ مثَّلت مجموعة قنوات روتانا منصات عرض الأفلام الفائزة. كما انطلق برنامج بعيون سعودية على قناة MBC كأول برنامج رسمي لتمويل الأفلام السعودية، ويهدف إلى تبني المواهب السعودية والتعويض عن غياب مهرجانات الأفلام في المملكة. وتم اختيار 15 مخرجًا سعوديًا شابًا، وإنتاج ثلاثين فيلما قصيرًا من إخراجهم، وعرضها على القناة.

بدايات الاعتراف العالمي

هيفاء المنصور

سهولة استخدام منصة اليوتيوب ومجانيتها جعلها خيارًا متاحًا للمخرجين السعوديين لعرض أعمالهم، التي تُنتج بشكل هاوٍ وغير ربحي، لتصل مباشرة إلى الجمهور السعودي مع غياب منصات العرض داخليًا. وبالتوازي مع صعود الإنتاج الإلكتروني، استمر إنتاج الأفلام بازدياد مطرد حتى شكّل العام 2012 تحولًا مهمًا في تاريخ الفيلم السعودي بحيازة الاعتراف الدولي، بعد أن أخرجت هيفاء المنصور فيلم “وجدة” المصور داخل المملكة بهوية وممثلين سعوديين، الذي تُوِّج بثلاث جوائز تقديرية في مهرجان فينيسيا العالمي، وبذلك يُعد أول فيلم سعودي طويل يحظى بجائزة في هذا المهرجان ويعرض بشكل تجاري دوليًا. كما ترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي من أكاديمية الفيلم البريطاني (بافتا)، واختير ضمن الترشيحات الأولية لجائزة الأوسكار لعام 2013م، ليكون أول فيلم سعودي يصل إلى هذا الاعتراف الدولي المتقدم. كذلك حظي الفيلم الروائي القصير “حرمة” للمخرجة عهد كامل بالمشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة في مهرجان برلين العريق في دورته للعام 2013م كأول فيلم سعودي يشارك في هذا المهرجان.

تجارب شبه احترافية

أدى نشاط إنتاج الأفلام المتنوع إلى توجه الحركة السينمائية المحلية إلى مراحل جديدة، فعلى سبيل المثال أخرج محمود صباغ في عام 2016م فيلمًا روائيًا طويلًا بعنوان “بركة يقابل بركة” من إنتاج شركته “الحوش برودكشن”، وتم عرضه في مهرجانات عربية ودولية، وكان أول فيلم سعودي طويل يعرض في مهرجان برلين السينمائي، وحصد عدة جوائز في مهرجانات أخرى. وفي العام نفسه قبلت الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون ترشيح الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون لهذا الفيلم في جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي. ثم في أكتوبر عام 2017م أعلن صباغ عن توقيع مع شركة نيتفليكس لعرض الفيلم بشكل حصري على المنصة لمدة عشر سنوات عالميًا عدا منطقة الشرق الأوسط، ولتكون بداية انتشار للفيلم السعودي على هذه المنصة الإلكترونية.

فيلم بلال

أيضًا في عام 2016م أخرج أيمن طارق جمال فيلم “بلال” عن الصحابي الجليل، وهو “فيلم رسومي” من إنتاج سعودي إماراتي مشترك، واستُخدمت فيه تقنيات عالمية في الرسم والتحريك بمشاركة فريق عالمي. وقد عُرض الفيلم في صالات تجارية في 32 دولة. كما تم ترشيحه للقائمة المبدئية لجائزة الأوسكار في العام نفسه.

محاولات التطوير والدعم

نشأت بعض المحاولات المتفرقة لدعم الإنتاج المحلي المتزايد الذي يغلب عليه طابع الهواية، إذ قامت مؤسسة مسك الخيرية بدور كبير منذ نشأتها في عام 2015م في دعم الصناعة من خلال إيجاد منصات جديدة لعرض الأفلام وإبراز أسماء العاملين في المجال، ومن ذلك ملتقى “شوف”، ومهرجان “حكايا مسك”.

كذلك أطلق مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” التابع لأرامكو السعودية مبادرة بعنوان “أيام الفيلم السعودي” في عام 2016م، إذ استهدف المخرجين والمخرجات المحترفين. ونتج عن ذلك تكفّل مركز إثراء بإنتاج عشرة أفلام فائزة، ترشح 7 منها (6 روائية وواحد وثائقي) للمشاركة في محفل كبير، استمر على مدى يومين متتاليين في مدينة لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية، وشمل عرضًا للأفلام وبحضور نُقاد ونجوم ومخرجين من السينما الأمريكية، وزيارات خاصة لصناع الأفلام إلى بعض أشهر مدن الإنتاج في هوليوود مثل Warner Bros وParamount Studios.

منصات لدعم الأفلام

في عام 2016م عرضت قناة اليوتيوب فيلم “عطوى” لعبدالعزيز الشلاحي، و”ضابط مباحث” لداود شعيل و”صالون رجال” لمشعل الحليل وغيرها. وجميعها من فئة الأفلام القصيرة. كما عرضت فيلم “عايش” القصير من إخراج وإنتاج عبدالله آل عياف وبطولة الفنان إبراهيم الحساوي، وقد حاز الفيلم وبطله على عدة جوائز محلية ودولية. ومن الأسماء التي انطلقت إلى صناعة الأفلام من اليوتيوب علي الكلثمي مؤسس تلفاز 11 الذي أخرج فيلم “وسطي” في عام 2017 من إنتاج إثراء، وحاز على جائزة أفضل فيلم أجنبي، وجائزة أفضل مخرج في مهرجان ويليامزبيرج السينمائي في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك علي السمين مخرج مسلسل “برغرتي” على يوتيوب في عام 2014م، وكذلك أخرج فيلم “لا أستطيع تقبيل وجهي” في عام 2017م، الذي حصل على جائزة أفضل فيلم روائي وأفضل ممثل في مسابقة الأفلام القصيرة في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض في عام 2018، وأفضل تصوير في مهرجان أفلام السعودية 2017.

مع انطلاق رؤية 2030 التي تعتمد الثقافة جزءًا من حياة المواطنين اليومية وموردًا اقتصاديًا وقطاعًا استثماريًا، حصلت تغيرات جذرية في قطاع الأفلام والعروض المرئية.

تنمية المحتوى المرئي كقطاع ثقافي وعودة السينما

مع انطلاق رؤية 2030 التي تعتمد الثقافة جزءًا من حياة المواطنين اليومية وموردًا اقتصاديًا وقطاعًا استثماريًا، حصلت تغيرات جذرية في قطاع الأفلام والعروض المرئية، وحظيت بنقلة نوعية وتطور بشكل متتابع منذ إنشاء الهيئة العامة للثقافة عام 2016، التي كانت تُشرف على المجلس السعودي للأفلام الذي تأسس في مارس 2018م، لتطوير الإنتاج المحلي والمحتوى الإبداعي. وقد أعلن المجلس بعد مشاركته في مهرجان كان السينمائي للأفلام في السنة نفسها، التي تُعد المشاركة الرسمية الأولى للمملكة في هذا المهرجان، عن إطلاق برنامج للمنح المحلية لتطوير الإنتاج المحلي عن طريق دعم الأفلام السعودية في مرحلة الإنتاج وما بعد الإنتاج، كما أعلن عن برنامج الشراكات الدولية لتبني الموهوبين في المملكة بالتعاون مع جهات عالمية متخصصة في صناعة الأفلام.

 وكان الحدث الأبرز إعلان وزارة الإعلام عن السماح بإصدار تراخيص دور عرض سينمائية في ديسمبر عام 2017. وفي الثامن عشر من شهر أبريل عام 2018م تم افتتاح أول دار عرض سينمائي في مركز الملك عبدالله المالي في مدينة الرياض، بعد عقد اتفاقية بين شركة مشاريع الترفيه السعودية وشركة AMC الأمريكية لإدارة دور السينما التابعة لها في المملكة. ثم توالى افتتاح دور العرض التجارية فيها وفي مدن أخرى.

وفي شهر يونيو من عام 2018م تم تأسيس وزارة الثقافة لتكون معنية بشؤون الثقافة في المملكة، وترعى 16 قطاعًا ثقافيًا، من بينها قطاع باسم الأفلام والعروض المرئية كأحد روافد الثقافة. وفي هذا المجال، أطلقت الوزارة عددًا من المبادرات، منها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ومسابقة ضوء لدعم الأفلام السعودية، كما أعلنت الوزارة عن إنشاء مركز الأرشيف الوطني للأفلام، وتعيين أحمد الملا مديرًا للمركز إضافة إلى إنشاء هيئة الأفلام في بداية العام 2020م.

ازداد عدد الأفلام الروائية الطويلة المنتجة كتغير نوعي في حالة الإنتاج المحلي بعد العناية الرسمية بالسينما، ودعم المجلس السعودي للأفلام تمويل فيلم “المرشحة المثالية” للمخرجة هيفاء المنصور، وتم تصويره داخل المملكة، ونافس على جوائز عالمية عدة، وأخرجت شهد أمين فيلمًا روائيًا طويلًا بعنوان “سيدة البحر” الذي حاز على جوائز دولية وعربية. كذلك أخرج رائد السماري فيلمًا روائيًا قصيرًا بعنوان “الدنيا حفلة” تم تصويره في مزرعة خاصة في منطقة الرياض، وحصد جائزة لجنة التحكيم لفئة الأفلام القصيرة في مهرجان صندانس الأمريكي في يناير 2019م، وذلك على الصعيد الدولي.

قامت مؤسسة مسك الخيرية بدور كبير منذ نشأتها في عام 2015م في دعم الصناعة من خلال إيجاد منصات جديدة لعرض الأفلام وإبراز أسماء العاملين في المجال، ومن ذلك ملتقى “شوف”، ومهرجان “حكايا مسك”.

خطوات نحو دور عرض مستقلة

في محاولة لتعزيز ثقافة المشاهدة السينمائية في المملكة وأيضًا لتوفير عروض سينمائية فنية تتجاوز العروض التجارية وبرمجة أفلام من مذاهب فنية ودول متنوعة، تم إطلاق مبادرتين داخل المملكة في عام 2019م لتوفير ما يسمى بـArt Houses، وهي دور العرض التي تعرض الأفلام لاعتبارات قيمتها الفنية وليس التجارية. الأولى كانت “سينما الحوش” وهي شاشة عرض في ميدان مفتوح بين مباني منطقة جدة التاريخية والمصنفة من اليونيسكو أحد مواقع التراث العالمي. وتتسع المقاعد المصطفة في شارع الذهب هناك لحوالي 80 متفرجًا، وتم عرض الأفلام بشكل يومي ليلًا خلال أيام موسم جدة. والمبادرة الثانية في جدة أيضًا، وهي مبادرة حديثة انطلقت في شهر ديسمبر بعنوان “السيما”، كذلك توفر صالة عرض الأفلام في مركز إثراء إضافة نوعية لمجال السينما المحلية، إذ إن صالة المركز غير التجارية توفر عروضًا يومية للأفلام السعودية القصيرة التي لا تدعمها الدور التجارية، وكذلك الأفلام الطويلة غير القادرة بعد على التنافس التجاري.

المهرجانات والمسابقات

مهرجان أفلام السعودية

منذ عودة إحياء المهرجانات السينمائية في عام 2015م بإطلاق النسخة الثانية من مسابقة أفلام السعودية، أصبحت إقامة مهرجانات محلية للأفلام نشاطًا متعارفًا عليه بفضل جهود فردية في مناطق عدة حول المملكة، ليس فقط في الدمام والرياض التي شهدت “مسابقة الأفلام القصيرة” بإدارة المخرج خالد الباز في مركز الملك فهد الثقافي عام 2016م، بل امتدت إلى محافظات أخرى.

ومن أبرز المهرجانات في عام 2019م:

  • مهرجان أفلام السعودية

وهو الاسم الجديد لمسابقة أفلام السعودية التي أعاد فرع الجمعية بالدمام إطلاقها ابتداء من دورتها الثانية عام 2015م، وبالتعاون مع مركز إثراء ابتداء من الدورة الثالثة في عام 2016م، وأضحى المهرجان بمثابة المظلة الرسمية للأفلام في المملكة. وفي عام 2019م أُقيمت الدورة الخامسة للمهرجان في مسرح إثراء هذه المرة داخل المبنى بعد أن اكتمل بناؤه، وشاركت في التنظيم والتمويل. وبحكم أن هذا العام كان مختلفًا سينمائيًا؛ فقد تم رفع معايير قبول مشاركة الأفلام بشكل أعلى من السنوات السابقة، وأسهم فريق عالمي في تقديمها، إضافة للكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير.

  • مسابقة تحديات الترفيه

اتسع نطاق الفعاليات التنافسية بعد أن قامت الهيئة العامة للترفيه بإطلاق مسابقة تحديات الترفيه من شهر فبراير إلى أكتوبر 2019م لمجالات ترفيهية عدة، شملت صناعة الأفلام، وتنوعت فئات المشاركة إلى التمثيل والمكياج السينمائي.

  • مسابقة أيام الفيلم السعودي

في عام 2018م انطلقت النسخة الثانية من مسابقة أيام الفيلم السعودي، وتَقدم ما يقارب ألف نص روائي، وفازت ثمانية سيناريوهات منها فقط للإنتاج في عام 2019. مهرجان أفلام السعودية 2019م بلغ عدد الأفلام المشاركة في المسابقة 154 فيلمًا و186 سيناريو، أي ما مجموعه 340 مشاركة. وتم ترشيح 89 سيناريو للمشاركة في مسابقة السيناريو غير المنفذ، و37 فيلمًا لدخول مسابقات الأفلام، إضافة إلى 18 فيلمًا موازيًا.

مسح المشاركة الثقافية 2019

قام “مسح المشاركة الثقافية” الذي جمعت بياناته في الربع الأخير من العام 2019 بقياس تفاعل المجتمع مع العروض المرئية باختلاف منصاتها. وقد شمل الاستطلاع عينة من 3137 شخصا ممثلة من سكان المملكة في جميع المناطق. وبحسب الاستطلاع فإن 50.6% من السكان (53.2% ذكور و47.4% إناث) يشاهدون الإنتاج السعودي على موقع يوتيوب.

وأما ارتياد دور السينما في المملكة، فقد بلغت نسبة الذين ارتادوا دور العرض مرة واحدة على الأقل خلال اثني عشر شهرا الماضية 27.30٪. وتنخفض هذه النسبة بطبيعة الحال عن المعدلات العالمية نظرًا لحداثة دخول الدور وقلة أعدادها وتوفرها في مدن محدودة. وترتفع النسبة إلى الضعف أو أكثر في المنطقة الشرقية والغربية والوسطى، وهي المناطق التي توفرت فيها بضعة دور عرض. كما أنه من الملفت أن نسبة ارتياد النساء لدور العرض ترتفع كثيرا عن نظرائهن من الرجال. أما في ما يخص المنصة المفضلة لمشاهدة الأفلام، فاحتلت المنصات الإلكترونية النسبة الأعلى، إذ بلغت42٪، تلتها منصة التلفاز بنسبة 24.4٪، وحلت السينما أخيرة بنسبة 19.1٪.

البنية التحتية والاستثمار

اتجهت أغلب السياسات الجديدة المتعلقة بتنمية ودعم البنية التحتية للإنتاج المرئي نحو قطاع الأفلام والسينما، ولم يطرأ تغيير كبير على الإنتاج التلفزيوني، ومع ذلك ما يزال قطاع الأفلام إلى حد كبير غير منظم مؤسسيًا، وظل فترة غير قليلة معتمدًا بشكل رئيسي على الجهود الفردية. وقد أدى ذلك إلى تركز الإنتاج المرئي في الأفلام القصيرة وقنوات اليوتيوب، وهو ما لن يُسهم في دفع عجلة الصناعة السينمائية في المملكة بمفهومها العالمي القائم على الأفلام الطويلة أو يُمكن الحراك السينمائي الحالي من التنافس في سوق السينما التجارية.

كخطوة للاستثمار في مجال الترفيه، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة في عام 2018م شركة مشاريع الترفيه السعودية (المعروفة سابقا بشركة الترفيه للتطوير والاستثمار) لتكون ذراع الصندوق الاستثماري والتنفيذي في قطاعات ومجالات الترفيه برأس مال يبلغ عشرة مليارات ريال. وتشكل صالات السينما أحد قطاعات الترفيه للشركة، وهي الجهة المتعاقدة مع سينما AMC لتشغيلها في المملكة، وأول الحاصلين على رخصة تشغيل دور العرض السينمائي محليًا. وتنظم هيئة الإعلام المرئي والمسموع فسح الأفلام ومنح رخص عمل لدور السينما. وتشمل التجهيزات والمرافق على ما يأتي:

  • دور العرض

يهدف برنامج جودة الحياة وهو أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 والمعني بتحسين جودة حياة الأفراد والأسر في السعودية إلى إنشاء ما يزيد عن 45 سينما في أنحاء المملكة بحلول عام 2020م. إلا أنه بنهاية عام 2019م بلغ عدد دور العرض السينمائية التجارية المرخصة من الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع 12 دارًا منذ افتتاح الصالات في عام 2018. وبلغت أعداد الدخول إلى السينما منذ افتتاحها 4 ملايين مشاهد. ولا توجد إحصاءات لدور العرض غير التجارية، سواء الدائمة أو المؤقتة، في المملكة.

  • الأستوديوهات

لا توجد وحدات تصوير في المملكة، إلا أنه يتم العمل على إنشاء مدينة إعلامية في مركز الملك عبدالله المالي في الرياض، وسيكون تشغيلها على مرحلتين: الأولى تستهدف المواهب المحلية وصانعي المحتوى، والثانية بناء منطقة إعلام متكاملة للمنتجين من خارج المملكة.

  • التعليم والتدريب

أغلب أقسام الإعلام في الجامعات السعودية تختص بالإعلام الصحفي أكثر من الإعلام المرئي والإنتاج، ومع الانفتاح الذي يشهده هذا القطاع يزداد احتياج سوق العمل لكفاءات أكثر تخصصًا؛ مما يستدعي زيادة في عدد ونوعية التخصصات التعليمية في هذا المجال. وفي نهاية عام 2019 أعلنت وزارة الثقافة عن إطلاق برنامج ابتعاث للتخصصات الثقافية والفنية يشمل تخصصات الأفلام والإنتاج المرئي؛ مما سيتيح الفرصة لزيادة عدد المتخصصين في هذا المجال وتطوير الإنتاج المحلي.

  • الدعم والاستثمار

في ما يخص السينما، ما تزال المعوقات كثيرة أمام تمكين الفيلم السعودي في شباك التذاكر في المملكة؛ فعلى سبيل المثال تُفرض على الأفلام التجارية الأجنبية والسعودية نسبة ضريبة 30% من إيرادات التذاكر، دون الأخذ في الحسبان فارق الإيرادات الهائل بين الاثنين، بينما تذهب 60% من الإيرادات إلى الموزع، مما لا يتيح ربحًا يُذكر لصنّاع الأفلام السعوديين. يؤثر هذا العائق على وجود الفيلم السعودي واستمراريته في صالات العرض، كما حصل مع فيلم “رولِم”. إلا أن مبادرات الدعم في العام 2019م آخذة في التتابع بعد أن أطلقت وزارة الثقافة عددًا منها لدفع مسيرة الإنتاج المرئي في المملكة.

مسابقة ضوء لدعم الأفلام

أطلقت وزارة الثقافة في 29/9/2019م مسابقة ضوء لدعم إنتاج الأفلام المحلية بما يصل إلى 40 مليون ريال سعودي للأفلام بأنواعها، الروائية والوثائقية والقصيرة والرسوم المتحركة. ومع الدعم المالي يتم تقديم ورش عمل لتطوير النصوص وتقديم الدعم اللوجستي، وتسهيل المشاركة في المهرجانات والمحافل والفعاليات محليًا ودوليًا، وإكمال إنتاج الأفلام المنتجة مع منح الاولوية في الدعم إلى المشارك الحائز على دعم من جهات أخرى. كذلك خُصصت فئة لمشاريع تخرج الطلاب المتخصصين في مجال الأفلام خارج المملكة.

مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

هي مؤسسة أهلية غير ربحية تُعنى بدعم صناعة الأفلام، وتُعد بذلك الأولى من نوعها في المملكة. إذ تهدف المؤسسة بالدرجة الأولى إلى احتضان مشاريع الأفلام السعودية الطويلة ثم الإسهام في ترويجها محليًا ودوليًا، والعمل على تحفيز الإنتاج السينمائي في المملكة عبر تقديم مسابقات وعروض الأفلام والورش والدورات كبقية المهرجانات، وهو ذو طابع دولي، فلا يقتصر على الأفلام السعودية، كما يشمل المهرجان معمل أفلام البحر الأحمر، وهو حاضنة لمشاريع وسيناريوهات الأفلام الطويلة.

كما أعلن المهرجان عن مسابقة صندوق تمهيد التي تهدف إلى دعم أفلام سعودية روائية طويلة في مرحلة الإنتاج، على أن يكون محتواها مستوحى من السياق المحلي. وقد أعلن الصندوق عن جائزة إنتاج بمقدار مليون دولار، تُقدَّم مناصفة إلى فيلمين، فاز بها هذا العام مشروع فيلم “شمس المعارف” للمخرج فارس قدس والمنتج صهيب قدس، وفيلم “أربعون عامًا وليلة” لمحمد الهليل والمنتج عبدالرحمن خوج، وقد تم اختيارهما من بين 24 مشاركة. وسيتم عرضهما خلال دورة المهرجان الأولى. من أجل ذلك يُعوّل الكثير من الصُنّاع والنُقاد على هذا المهرجان لتكوين صناعة سينمائية حقيقية في المملكة بعد تاريخ طويل من الاجتهاد الفردي.

من المعوقات أمام تمكين الفيلم السعودي في شباك التذاكر بالمملكة، فرض نسبة ضريبة 30% على الأفلام التجارية الأجنبية والسعودية من إيرادات التذاكر، دون الأخذ في الحسبان فارق الإيرادات الهائل بين الاثنين، بينما تذهب 60% من الإيرادات إلى الموزع، مما لا يتيح ربحًا يُذكر لصنّاع الأفلام السعوديين.

فاصل اعلاني