• English
  • 20 يناير، 2025
  • 5:29 ص

عبد المحسن النمر ..الممثل الأيقونة تكريم مستحقٌّ لفنان أثبت نفسه إقليميًّا قبل أن يكون محليًّا

عبد المحسن النمر ..الممثل الأيقونة تكريم مستحقٌّ لفنان أثبت نفسه إقليميًّا قبل أن يكون محليًّا

أحمد العياد

12 August، 2024

أحمد العياد

أن تصبح ممثلًا في الدراما السعودية، هناك أبوابٌ عدة لتحقيق هذا الحلم؛ منها أن تكون صاحب موهبة، ومنها أن تكون صاحب علاقات، ومنها الدعم الذي قد تتلقاه من منتج وصاحب قناة، ومنها- وربما أهمها- أن تكون قد أثبتّ حضورك الراسخ ممثلًا في المسلسلات العربية والخليجية، وأن تكون قد اضطلعت بدور رئيسي فيها، مع المخرجين العرب، من مثل الراحل شوقي الماجري، وحاتم علي، والليث حجو، الأمر الذي يساعد كثيرًا في انضمامك إلى مسلسل سعودي.

هذا، إن دل على شيء، فعلى أننا في هذه الحال، نكون أمام تجربة حقيقية وثرية لفنان سعودي موهوب استطاع أن يحفر اسمه في الصخر، وهذا ما ينطبق تمامًا على عبد المحسن النمر.

إنه ابن مدينة الأحساء، دخل الفن بدايةً من طريق المصادفة، وما أجملها مصادفة، عندما ذهب لحضور عرض مسرحي مع أخيه، فإذا به يدخل المهنة، فينتشر اسمه، ويحقق أول نجاحاته في مسلسل “الشاطر حسن”، بداية الثمانينيات. عرفت تجربته نقاط تحول، وسجل علامات درامية مهمة ساهمت في انتشاره بشكل موزون وبسمعة مميزة.

دخل النمر الفن مصادفة عندما ذهب لحضور عرض مسرحي مع أخيه، فإذا به يدخل المهنة وينتشر اسمه، ويحقق أول نجاحاته في مسلسل “الشاطر حسن”.

جواز مرور

مسلسل “خزنة” 1989 كان جواز مرور اسمه إلى السعوديين، وهو المسلسل الذي حقق نجاحًا كبيرًا ذلك الوقت في عالم الدراما السعودية. بعد ذلك بسنوات قدم عبد المحسن النمر المسلسل الخليجي، “آخر العنقود” 1993، وهو إنتاج خليجي جمع العديد من الممثلين الخليجيين، وقد لفت فيه عبد المحسن الأنظار، حيث قدم دور المدمن بأداء مميز في ذلك المسلسل، وقال عن دوره إنه تسبَّب له بحرج شديد مع بعض الأقرباء بسبب إتقانه الدور.

يرى النمر أن مشاركته في مسلسل “شقة الحرية” 1996 خطوة مهمة جدًّا له على الصعيد العربي. “شقة الحرية” هو في الأساس رواية للأديب الراحل غازي القصيبي، تحولت إلى مسلسل، لكنه لم يُحقق أي نجاح، غير أن عبد المحسن اعتبرها فرصة مميزة جدًّا كون المسلسل انتشر بسبب الزخم الإعلامي الذي رافق عرض المسلسل، إضافة إلى العمل مع أهم صناع الدراما في مصر ذلك الوقت، سواءً مع المخرج المصري الخبير في عالم الدراما مجدي أبو عميرة أو السيناريست ممدوح الليثي.

عانى عبد المحسن النمر بعد ذلك من التضارب والتضاد بين وظيفته وهوايته. لكن مع توالي الأعمال وكثرة الأدوار، كان لا بدَّ له من حسم أمره واختيار الطريق. وهكذا كان. وهي كانت مهمة صعبة، إذ كان عليه أن يتخلى عن دخل ثابت مقابل دخل متقطع، وخصوصًا أن المجتمع آنذاك كان طاردًا للفن. وعلى الرغم من ذلك، دخل عبد المحسن المغامرة بعزم أكيد، وبانكباب جوهري، جاعلًا من التمثيل هدفه الفني الأكبر، وقد تفرغ له بشكل كامل، ولم يكن منشغلًا بأدوار البطولة، بل كان همّه أن يؤدي دوره، أيًّا يكن حجمه، بنجاح، وبخصوصية، وتمكن. وكان يردد دائمًا أن الفن هواية، وأنه يهوى تمثيل الأدوار التي تعجبه، حتى لو لم تكن أدوار البطولة، وشاهدنا ذلك في مسلسل “عرس الدم” 2004، حيث كان هو الممثل الأبرز في المسلسل، رغم إطلالاته القليلة فيه.

تجاربه العربية تنوعت ما بين “فنجان الدم” و”توق” و”أبواب الغيم”، من إخراج أهم مخرجي الدراما العرب (الليث حجو، شوقي الماجري، حاتم علي)، وكانت تربطه علاقة خاصة بالراحل التونسي شوقي الماجري، معتبرًا إياها أهم تجربة له في حياته، سواء من الناحية العملية أو الناحية الإنسانية.

كانت تربطه علاقة خاصة بالراحل التونسي شوقي الماجري، معتبرًا إياها أهم تجربة له في حياته، سواء من الناحية العملية أو الناحية الإنسانية.

مميزات النمر

أهم ميزات عبد المحسن النمر جرأته وعدم خوفه من قبول أي دور. فمثلًا دوره في مسلسل “أم هارون”، شاهدناه يضطلع بدور حاخام يهودي، حيث اتفق الجميع على تميزه وجرأته فيه. 

كان لي حديث سابق مع أحد المخرجين الشباب، ممن عملوا مع عبد المحسن النمر، كشف فيه أن عبد المحسن النمر كان على الرغم من محدودية الإمكانات الإنتاجية، يلم بجملة المتطلبات التمثيلية، حافرًا في دواخلها، متشددًا حيال وجوب عدم الاستسهال، مؤديًا أدواره بتمايز لافت، وباحترام لنفسه وللعاملين معه.

مع كل هذا التميز والتألق والفرادة كان السؤال الذي يدور في الوسط السينمائي: أين عبدالمحسن النمر من السينما، خاصة مع كل هذا الحراك السينمائي الكبير في المملكة .. تأخر وانتظرنا، وكان أجمل حضور من خلال فيلم (هجان) للمخرج أبو بكر شوقي، والذي كان عرضه الأول في مهرجان تورتنو السينمائي الدولي ، فكان للنمر الحضور الأجمل والأبرز، وبالفعل لو نظرنا للفيلم نجد أن النمر كان النقطة الفارقة فيه، ولا تتخيل ممثلًا آخر يؤدي دوره في الفيلم، ومع أن هذا يسبب قلقًا دائمًا؛ كون أن الممثل اعتاد على الظهور التلفزيوني فكيف يكون حضوره السينمائي؟ لكن ذلك لا ينطبق على عبد المحسن النمر. وفي حديث مع الصديق المخرج أبو بكر شوقي قال إن النمر من أكثر الممثلين الذين استمتع معهم وبأدائهم في هذا الفيلم. 

وكان التتويج الأهم هذا العام وبعيدًا عن السينما دوره المهم في مسلسل “خيوط المعازيب”، هذا المسلسل الذي قام على كتفيه بأدائه البديع والمميز،  فكان الشرير والكوميديان، تعاطفنا معه في لحظات، وكرهناه في لحظات أخرى. 

أجمل ما في عبد المحسن أنه على الرغم من مرور هذه السنوات الكثيرة ومن النجاحات، عربيًّا وخليجيًّا، وعلى الرغم من أهمية اسمه، إلا أنه يواصل حرصه على أن يكون أكثر احترافية في التمثيل، وأكثر اجتهادًا ومواظبة وحبًّا لعمله، وهذا ما جعله، في رأيي، أهم ممثل سعودي، دخل الميدان دون دعم من كاتب أو فزعة من منتج.

 وكان تتويجه هذا العام في مهرجان أفلام السعودية تتويجًا مستحقًّا لممثل لا زال يركض ويركض في الميدان بكلِّ جسارة وبكلِّ قوة، وبنجومية لا زالت متجددة؛ فقط لأنه عبد المحسن النمر .

أجمل ما في عبد المحسن أنه على الرغم من كلِّ نجاحاته العربية والخليجية، إلا أنه ما زال يواصل حرصه على أن يكون أكثر احترافية واجتهادًا ومواظبة على العمل.

فاصل اعلاني