المهرجانات.. والمثلث المقلوب!
4 January، 2023
عبد الستار ناجي
تمثل المهرجانات السينمائية ضرورة أساسية، لتفعيل صناعة “الفن السابع” وتنشيطها في جميع أنحاء العالم. وقد عاشت دول المنطقة مجموعة من المهرجانات السينمائية العالمية، العالية الجودة، لكن ماذا عن النتيجة؟
قبل أن نتحدث عن تلك المهرجانات وغيرها من التي تمثل بالنسبة لنا رهانات، خصوصًا مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان أفلام السعودية، علينا أن نذهب إلى بيت القصيد، حيث تمثل المهرجانات نهاية المطاف، والعرس، والحاضنة التي تحتفي بالإبداع السينمائي. لكن الجميع، للأسف، يتناسى ما قبل المهرجانات.
المهرجانات ضرورة أساسية لتفعيل صناعة السينما.. لكنْ بشروط.
الصناعة والكوادر
نحن أمام صناعة، ومن أجل تلك الصناعة، لابد من أكاديميات ومعاهد متخصصة، لخلق الكوادر السينمائية، التي تغطي كافة مجالات الحرفة السينمائية من سيناريو (الكلمة هي البدء) وتصوير وإخراج وتمثيل ومونتاج وغيرها من العمليات الفنية والتقنية. ونستطيع التأكيد أن الورش، مهما بلغت، لن تختصر دور الكليات والمعاهد المتخصصة. قالوا لنا: استحضروا “أكاديمية نيويورك للأفلام” (NEW YORK FILM ACADEMY)، وتم الأمر، لكن النتيجة لا شيء. مجرد “أوراق” راح البعض يعلقها على جدران مكتبه، بلا عمق، وبلا هوية إبداعية، مجرد معلومات، يمكن الحصول عليها من أي مرجع تقني فني.
من أجل الذهاب إلى تأسيس مهرجانات، لابد من وجود معاهد وأكاديميات متخصصة، تغطي كافة التخصصات الفنية والإبداعية، في مجال الحرفيات السينمائية. وفي خط متوازٍ، لابد من التشريعات والقوانين، التي تحمي الحرفة وترتقي بها. بالأخص، في ما يتعلق بجوانب الدعم، ووجود الصناديق الممولة، وأيضًا القوانين واللوائح والتشريعات، التي تنظم الفعل الرقابي، ودعم المشاريع الإنتاجية، واستقطابها، وخلق فرص حقيقية لجيل الشباب، محليًّا وخليجيًّا وعربيًّا وعالميًّا.
متى تتأمن البنية التحتية من كوادر وخبرات ومعدّات وصنّاع، تصبح عندنا صناعة سينما، سواء في المملكة العربية السعودية، وبقية دول المنطقة، حيث إنه بوجود مفردات التكامل عندها، ستنهض تلك المهرجانات، وترتقي، وتتواصل، وتمضي في طريقها كحاضنة للإبداع، ومنصة للاحتفاء بالإنتاج السينمائي وصنّاعه، من كل حدب وصوب.
نفتقر إلى وجود أكاديميات ومعاهد متخصصة لخلق الكوادر الفنية المؤهلة.
المعادلة الأساسية
المثلث المقلوب، هو المعادلة الأساسية. نحن نريد مهرجانات، لكن: كم مخرجًا ومصورًا وسيناريست وممثلًا وريجيسير ومونتير وغير هؤلاء عندنا؟ علينا أن نفكر في البنية التحتية من معاهد وأكاديميات ومختبرات وكوادر.
ونعود إلى المهرجانات، مثل دبي وأبو ظبي، بعد سنوات طويلة من عمر هذا المهرجان أو ذاك. كم فيلمًا روائيًّا طويلًا إماراتيًّا أو خليجيًّا عُرض في تلك المهرجانات؟ الجواب عندكم. ونحن هنا لا نقلل من قيمة تلك المهرجانات أو دورها، لكن: ماذا لو استمرت تلك المهرجانات دون تطوير البنية التحتية؟ سنبقى كما يقول المثل الدارج “على طمام المرحوم” (بمعنى: عدم إحداث تغيير).
ولأننا لا نريد أن نبقى هكذا، ونريد لهذه المهرجانات أن تمضي بعيدًا، وأن تتحول إلى مواعيد يرى العالم من خلالها نتاجات السينما السعودية والخليجية والعربية، دعونا نفكر بصوت مسموع: إن مهرجانات بلا بنية تحتية أكاديمية متخصصة سيكون مصيرها الاحتضار والضمور والنهاية، إذا لم تتغذّ على أجيال مبدعة متخصصة ترويها بعشقها وشغفها وتخصصها.
ويبقى أن نقول: على المحبة نلتقي.