• English
  • 20 يناير، 2025
  • 4:28 ص

فيصل الدوخي: أبحث عن الاختلاف… ورفضت أن أكون كومبارس في “طاش ما طاش”

فيصل الدوخي: أبحث عن الاختلاف… ورفضت أن أكون كومبارس في “طاش ما طاش”

13 June، 2023

حوار أحمد العياد

لم يكن الفنان فيصل الدوخي يتوقَّع أنه سيصبح يومًا ما ممثلًا، أو أنه يقف على خشبة مسرح أو أمام كاميرا، فقد بدأ حياته الفنية بالصدفة عام 2006، حين أقام ابن شقيقه منشأة لتقديم عروض للأطفال، فشارك في هذه العروض، وشعر أنه جزء من هذا العالم، ومن ثم قرَّر أن يهب نفسه للمسرح، رافضًا الانتقال إلى سواه، أو القول بأنه فنان شامل، حتى تبدَّلت الأحوال ومنحه اليوتيوب عام 2013 حضورًا آخر، فانتقل إلى الدراما والسينما، وشارك في عدد من الأعمال المهمة التي ربطته بقطاع كبير من الجمهور. “كراسات سينمائية” التقته وحاورته حول مسيرته الفنية وأحلامه التي اتَّسعت، وحول موقفه مما يحدث فنيا على الساحة السعودية.

بدأت مسيرتك بالمسرح ثم امتدت إلى السينما والتليفزيون، فكيف كانت البداية، وهل أثرت فيك سلبًا؟

فيصل الدوخي

المسرح كان بداياتي في التمثيل، ودخولي إليه كان بمحض الصدفة، كان لدي رغبة في اقتحام المجال الفني، لكني لم أكن أعرف ما الذي سيكون مناسبًا لي، خاصة وأنني لم يكن لدي مشاركات مسبقة في المدرسة، أو دور في الأنشطة الفنية والفعاليات التي كان يتم تنظيمها آنذاك، لكن  في 2006 تقريبًا عمل ابن شقيقتي صالح على تأسيس منشأة تقدِّم فعاليات للأطفال، وبدأت العمل معه، وشعرت بأن لدي رغبة في تقديم عروض مسرحية للأطفال، واستكشات مختلفة، وشعرت أن هذا هو مكاني، ووقتها كانت الجمعية التي أسسها تقوم بإبرام تعاقدات مع أحد الأماكن لتقديم عروض مسرحية، ويريدون فريق عمل بكواليس المسرح، واقترح عليَّ أن أدخل إلى الجمعية، وبدأت العمل معهم والتعرُّف على كواليس العمل المسرحي من وراء الكواليس، عرفت تفاصيل الإنتاج، والوقوف على خشبة المسرح، وقضيت فترة معهم قبل أن أبدا بالتمثيل من خلال تقديم استكشات مختلفة على الخشبة، وكنت محظوظًا لأن الفرصة الأولى جاءت من خلال المشاركة على المسرح في “باب الحارة”، وأتذكر أنه وضع اسمي على البوستر، وكانت مشاركتي مع سعد الفرج بمشهد على المسرح، وإلى جوار سمير غانم رحمه الله؛ لذا كانت فرصة متميزة للغاية، وبعدها انتقلت للرياض، والتحقت بدورة مسرحية مع الأستاذ جمعان الرويعي، ومن هنا بدأ حبي للمسرح يزداد.

كنت محظوظًا لأن الفرصة الأولى جاءتني من خلال “باب الحارة”، وكان اسمي على البوستر إلى جوار سعد الفرج وسمير غانم.

هل كان عملك بالفن خلال هذه الفترة مغريًا من الناحية المادية؟

على الإطلاق، ظللت مدَّة ثلاث سنوات لا يدخل لي ولا ريال واحد من عملي المسرحي، لكني خلال تلك الفترة أحببت المسرح، وجعلني المسرحيون أتعلَّق به أكثر وأكثر، وخلال تواجدي في الرياض عملت في إحدى الشركات التي كانت تقيم فعاليات فنية، كان مديرها المخرج التليفزيوني عبد الله القميزي الذي أتذكره بكل بخير، وكان يشجعني على البقاء في المسرح والعمل فيه، باعتبار أن الوضع في التليفزيون لم يكن مناسبًا، فكانت أعمال حسن عسيري “طاش ما طاش” تطلب ممثلين وكومبارس للظهور، وفي تقديري أن المسرح كان أفضل من أن أذهب لأضيع وقتي، واستمرَّ هذا الوضع حتى عام 2013 تقريبًا، عندما دخلت إلى اليوتيوب ومنه إلى الدراما والأفلام القصيرة، لتنطلق مسيرتي مستفيدًا من دورات المسرح التي التحقت بها، وأقيمت من قبل المركز الثقافي بالشراكة مع “ناشيونال يوسيتر”.

ما تفاصيل هذه الدورات؟ وأين أقيمت؟

بدأت هذه الدورات في نجران والأحساء ما بين عامي 2012 و2014، وآخر كورس كان في لندن، وقد أسهمتْ في تغييري بشكل كبير، ففي 2013 كان الكورس بنهايته عرض مسرحية في الرياض، وحصلت فيه على جائزة أفضل ممثل بمسرحية “وادي الرن” للمخرج بسام الدخيلي، فخلال الكورس يتم اختيار رواية ليقوم بتقديمها كلُّ فريق مع مخرج وممثلين، وبعد التدريب والاختيار يتم تشكيل فريق مختلف من مخرج وممثلين آخرين؛ ليقدموا العرض من خلال مسرح شباب الرياض، والمسرحية التي نلت عنها الجائزة كانت عن غازي القصيبي.

خلال العقد الماضي كنتَ شريكًا في أغلب الأعمال المتميزة التي شكَّلت علامات فارقة في السعودية، فكيف تختار الأعمال التي تشارك فيها؟

في مسلسل رشاش

لا يمكن أن أقول إنني أحرص على هذا الأمر، صحيح أن هناك أعمالًا أشارك فيها، وتمر مرور الكرام، لكني أعمل على تقديم ما أحبه، وأحب الأعمال التي أشارك فيها، أذكر أنني في مسلسل “رشاش”  ذهبت لإجراء كاست على شخصية “”قحص”، وطلبت أن أقدمها، لكن المخرج أراد أن يسند لي شخصية أخرى، وفي النهاية أخبرته أنني متمسِّك بالتجربة، وبالتواجد في العمل، ومن التحضيرات شعرت أنني سأقدم تجربة مختلفة، نفس الأمر في “حدّ الطار” من 2011 تقريبًا، والفيلم في مرحلة ما قبل الإنتاج، استأذنت فريق العمل أن أكون معهم؛ لقناعتي بأن العمل سيكون متميزًا، ولرغبتي في معرفة كيف يحضرون للعمل، فهذه النقطة من الأمور التي تفرق معي بشدة، وبالفعل اختاروا فريقًا متميزًا للغاية، ونال العمل رد فعل جيدًا داخل السعودية وخارجها، صحيح أن مثل هذه الأعمال تجعلني أخسر ماديًّا؛ لأنني لا أقدم خلال انشغالي بها عروض أخرى يمكن أن يأتيني منها عائد مادي؛ لأن الأعمال الجيدة ميزانيتها أقل، لكني أضحي بالأموال لبحثي عن الاختلاف، فحلمي خلال هذه الفترة ليس تكوين ثروة، ولكني أحلم بأن يكون لدي اسم وتاريخ، وعندما نتحاور مجددًا بعد 10 سنوات أكون قدمت أعمالًا جيدة تترك بصمة يذكرني فيها الجمهور بالخير.

يواجه بعض الممثلين مأزقًا بسبب النظر للدراما على أنها تحقِّق عائدًا ماديًّا، لكنها لا تترك نفس البصمة التي تتركها السينما، فهل هناك حد أدنى تضعه أمامك عند الموافقة على أي عمل جديد؟

مسلسل رشاش - فيصل الدوخي

اعتقد أن التليفزيون به مساحة الآن عن أي وقت مضى من قبل، فقبل سنوات كانت الدراما في رمضان وخارجه، أما الآن فهناك عروض على المنصات المختلفة، بدأت الاشتراك في الأعمال الدرامية من عام 2016 بمسلسلات قصيرة، ولم يكن الجمهور يعرفني، واعتقد أننا محظوظون الآن بأن الجمهور بشكل عام- والشباب بشكل خاص- أصبحوا مهتمين بمتابعة الأعمال الدرامية المختلفة، مسلسل مثل “رشاش” أعطاني المساحة التي أحبها في هذا الوقت، أيضًا كنت أشارك كضيف شرف في بعض الأعمال، في الدراما التليفزيونية لديك مساحة أكبر لتقديم شيء مختلف، والتغيير عن النمط الذي كنا نسير عليه في السنوات الماضية، أعطى ثقلًا للدراما السعودية، فاليوم تجد الجمهور يدافع عن الأعمال السعودية عبر “تويتر”، بصورة لم تكن تحدث من قبل، ونستطيع أن نفعل هذا الأمر في السينما لنقدم لهم تجارب متميزة.

هل يعني ذلك أنك تستهدف السينما بشكل أساسيٍّ في الفترة المقبلة؟

قديمًا لو كنت سألتني كنت سأقول أن ما يهمني هو المسرح، فكنت دائمًا أقول إنني فنان مسرحي ولست فنانًا شاملًا، لكن الآن أستطيع بكل ثقة القول بالعكس، فحرصي على الوجود في المسرح كان فترة وانتهت، والآن أنا أعتبر نفسي فنانًا شاملًا يمكنه أن يقدم مسرحًا أو سينما أو تليفزيونًا.

ما سبب هذا التحول؟

– أنا إنسان في النهاية، وظهوري من خلال اليوتيوب، وتقديمي لأدوار بالتليفزيون، ثم بالأفلام القصيرة، شجعني كثيرًا؛ لذا عندما أصل لمرحلة جيدة يمكنني القول بأن عملًا تليفزيونيًّا واحدًا، أو عملًا عبر إحدى المنصات، قد يكون سلسلة طويلة مع فيلم ومسرحية كل عامين، سيكون أمرًا جيدًا، ولا أخفيك سرًّا بأنني لم يعد لدي وقت لتقديم مسرحية، وهذا الأمر أثر فيَّ نفسيًّا، فليس لدي الوقت للتدريب وعمل بروفات كبيرة، أشعر بافتقاد كبير للمسرح؛ لما فيه من متعة وفرصة لتقديم الأدوار بشكل مختلف وجيد، ففي عروض المسرحية أقدِّم الأدوار بارتياح نفسي وثقة كبيرة من دون ضغط.

هل تشعر أن الشهرة كانت فارقة معك على خشبة المسرح؟

– بالنسبة لي مسألة الشهرة أمر هامشي، لكنها فارقة بالتأكيد، وأعتبرها رزقًا يأتي لكل شخص بطريقة مختلفة، فهناك أصدقاء يحققون الشهرة الكبيرة بدور واحد، أو بظهور عبر سناب شات، أو بعمل يحقق نجاحًا كبيرًا، مثل إبراهيم حجاج في تجربة “اختطاف”، لكن الجميل بالنسبة لي أن الشهرة جاءتني قدرية، وليس بجهد قمت به من أجل تحقيقها، فكل تجربة أقدمها تحقق لي شهرة مع جزء من الجمهور، حتى الأدوار الصغيرة التي شاركت فيها؛ لذا أعتبر الأمر بمثابة متعة؛ فبالنسبة لي أن تحقق شهرة تدريجية أفضل بكثير.

هل تعتقد أن المشاركة في الفعاليات الفنية والمهرجانات يؤثر في الفنان؟

بالتأكيد، المهرجانات والفعاليات الفنية مهمة؛ لأنها تجعلك تحتكُّ بصناع الأعمال من أماكن ومناطق مختلفة، وهو أمر يهمني؛ لأن كل تجربة فيها تشكِّل إضافة مهمة بالنسبة لي، وللأسف الفرصة الوحيدة التي جاءتني حتى الآن كانت في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2020، مع مشاركة فيلم “حد الطار”، وحاولت الاستفادة منها وتوثيقها في مسيرتي، وقناعاتي الشخصية أن التواجد في مثل هذه الفعاليات يُحقِّق للفنان التواجد المستمر؛ لذا أتمنى أن أكون متواجدًا في مثل هذه الفعاليات المهمة، قد يكون هناك قصور مني في الأمر؛ بسبب عدم تواجدي على مواقع التواصل، لكن هذا الأمر يرجع لانشغالي بشكل كبير في العمل، وحتى فرصة الدعوة لحضور مهرجان القاهرة جاءت بصفتي بطل فيلم “حد الطار”؛ لذا أحرص على تقديم أعمال يتم الاحتفاء بها في المهرجانات، وتواجد الصحافة والتغطية الإعلامية للأفلام أمور مهمَّة استفدت منها خلال وجودي بمصر.

المهرجانات والفعاليات الفنية مهمة؛ لأنها تجعلك تحتكُّ بصناع الأعمال من أماكن ومناطق مختلفة، وهي أمر يهمني.

هل يمكن القول بأن السينما السعودية لم تحقق نجاحًا قويًّا في التواجد إلا بفيلمي “شمس المعارف”، و”حد الطار”، أم أن جائحة كورونا وتفضيل الجمهور المشاهدة عبر المنصات هو السبب؟

لا أريد أن أحمِّل مسألة جائحة كورونا ما حدث، لكن سأذكرك بفيديو قام عزُّ الشلاحي بتصويره مع الجمهور، وقت طرح فيلم “حد الطار” بالسينما، فكان يسأل الجمهور عن توقعاتهم قبل العرض وتأتيه الردود سلبية، لكن بعد العرض كان الموقف مختلفًا تمامًا؛ إذ حظي بالفيلم بإشادات وإعجاب، وأسف عن سوء الاعتقاد بالبداية، وهناك تعليقات متعددة حول أشخاص شاهدوا الفيلم بمفردهم، وعادوا لمشاهدته مع عائلتهم في وقت لاحق، فجائحة كورونا أدَّت لحدوث خلل بتسويق الفيلم، الأمر الذي أثر في إقبال الجمهور، أثناء فترة وجود الفيلم بالصالات السينمائية، بينما تصلني إلى اليوم رسائل وردود فعل على الفيلم، رغم طرحه عبر نتفلكس في نوفمبر 2021.

لكن بعض السينمائيين العرب لا يعرفون حتى الآن أن هناك أفلامًا سعودية على منصة مثل نتفلكيس؟

أعرف هذا الأمر، وهو يعبر عن قصور في عملية التسويق بشكل رئيس، وهذا الأمر ليس مرتبطًا فقط بـ”حد الطار” الذي أتمنى أن أخوض تجربة تشبهه على المستوى الفني، ومع فريق العمل الذي سعدت بالعمل معه.

عدم معرفة بعض السينمائيين العرب أن أعمالًا سعودية على منصة نتفليكس يُعبر عن أزمة في التسويق، وليس مرتبطًا “بحد الطار”.

هل هناك مشاريع جديدة تعمل عليها في الوقت الحالي؟

 للأسف لم أخض أي تجربة سينمائية منذ تقديمي للفيلم، وأعرف أن في هذا الأمر تقصيرًا مني، لكن في 2021 عرضت عليَّ 6 أفلام عربية مصرية وسعودية، إلا أن أيًّا منها لم يكن مناسبًا لي، وكان هناك مشروع ضخم لعمل عسكري مصري سأشارك فيه، لكن مشكلة إنتاجية حدثت جعلتني لا أتواجد فيه، في الوقت الحالي لدي سيناريو جيد لعمل كوميدي مصري، لكني لا أستطيع الحديث عنه، وهو إنتاج مصري سعودي مشترك، لكن لا يزال الأمر في بدايته، مشكلتي في السينما السعودية أن الدور أحيانًا يكون غير مناسب، أو أن مساحته وتأثيره لا يُشكِّلان إضافة لي، أو يأتي لي فيلم للبدء على الفور، ويكون لدي ارتباط بعمل تليفزيوني.

بعد انخراطك في الأعمال الروائية الطويلة هل يمكن أن تخوض تجربة تقديم أفلام قصيرة؟

بالتأكيد، لدي حماس لتقديم أفلام قصيرة، وهناك ثلاثة مخرجين أتحدَّث معهم في هذا الأمر باستمرار، أنا مستعدٌّ لتقديم أفلام قصيرة جيدة، على أن نرتب وقت تصويرها، فهنك أسماء كثيرة لدي رغبة في العمل معها بهذه التجارب، منها حسام الزهراني، وعلي الحسين.  

فاصل اعلاني