• English
  • 14 يناير، 2025
  • 11:36 م

دانية نصيف: نتوجه بأفلامنا إلى الغرب لتغيير “الصورة” عن المجتمع السعودي

دانية نصيف: نتوجه بأفلامنا إلى الغرب لتغيير “الصورة” عن المجتمع السعودي

13 June، 2023

المحاورة: نورة البدوي

“أنا وقبل كل شيء أمٌّ لثلاثة أطفال. غيَّرت مجال تعليمي عدَّة مرَّات. حتى لقيت قلبي في إنتاج الأفلام”. هكذا قدمت المنتجة السعودية دانية نصيف نفسها في لقاء مع “كراسات سينمائية”. درست نصيف الطبَّ والرياضيات، وحصلت على الماجستير في نظم المعلومات. كما درست management لتحقِّق حلمها في إنتاج الأفلام. فعملت مع عدة شركات من بينها “بي بي سي”، “أي ماكس”، و” ZDF”. أصبحت الرئيس التنفيذي في شركة EGGDANCER PRODUCTIONS. وهي أول شركة إنتاج في المملكة العربية السعودية تملكها وتديرها نساء سعوديات. حقَّقت مع المخرجة والمنتجة دانية الحمراني شراكة فنية مهمة في فيلم “رايز”. وتعمل معها الآن على فيلم جديد عن ذوي الإعاقة الذهنية بعنوان ” ديرة أجدادي”.

المنتجة دانية نصيف.. ارتبط اسمك بالمخرجة دانية الحمراني في أكثر من عمل، حدِّثينا عن هذه الثنائية الإبداعية؟

أنا كنت أشتغل بجامعة دار الحكمة، أخذت ماجستير في نظم معلومات وشهادة management، وصديقتي دانية الحمراني درست صناعة الفيلم، هي شغفها كلُّه في الفيلم منذ كنَّا في المدرسة، في الثانوية كانت تمسك الكاميرا وتصوُّر، في 2006 قالت لي: “أنا حابة افتح شركة أفلام وثائقية، بس أنا ما أفهم شيء في الإدارة، أنت تمسكي الناحية الإدارية والإنتاج، وأنا أمسك الإخراج”.

فوافقت على اقتراحها، واشتغلنا في 2006 على أول برنامج، وكان برنامج عن الطبخ. المهم أننا كنا نسعى إلى فتح شركة إنتاج، وكان هناك قانون في السعودية ينص على منع المرأة من أن تُدير شركة إنتاج. وكان عندي ماجستير وهي كذلك عندها ماجستير في تخصصها، فكان هذا القانون الموجود صراحة ضايقنا جدًّا، فكتبنا عدة خطابات إلى وزير الثقافة آنذاك، إياد مدني، نطلب مقابلته على أساس نسأله لماذا وضعوا هذا القانون؟ بعد قرابة 10 خطابات قرَّر أن يلتقي بنا في الرياض، وكانت إجابته على سؤالنا كالتالي: “نحن بنحميكم كسيدات عشان الشركة من الأفضل أن يديرها رجل، عشان لو صار أي خطأ في الشركة يستطيع تحمل المسؤولية، ما بدي أحملك المسؤولية كسيدة”، قلت له: ” أنا مستعدة أن أتحمَّل المسؤولية كإنسانة متعلمة أقدر أدير شركتي الخاصة، مستعدة أتحمل مسؤولية ما أنتجه وأبغى أكون مديرة شركتي”. فقال لي: “إذا أنت ستتحمَّلين المسؤولية سأعطيك استثناء”، وكنا بذلك نفتح أول شركة إنتاج سعودية تديرها امرأة باستثناء من معالي الوزير سنة 2007.

جاءنا الاستثناء من الوزير، وبدأنا العمل، واشتغلنا مع شركات أجنبية مختلفة، منها: “برودكاست”، “ترافل شانل”، “بي بي سي”، و”زيدي إف”، فكنا نحاول أن نوصل صورة المرأة السعودية والشعب السعودي من خلال نقل قصصنا بأنفسنا للمجتمع الغربي، فلاحظنا أننا بالاشتغال معهم أو الاشتراك معهم، استفدنا كثيرًا من الخبرات، لكن في الأخير البي بي سي ذكرت في البرنامج الذي أنجزناه معهم أشياء غير صحيحة، ففي الأخير هم قدَّموا أجندة معينة، لم تُظهر الصورة الصحيحة، فقد حورّوا الواقع للشيء الذي أرادوا تبليغه، وهنا نحن وصلنا لمرحلة أننا- الحمد لله- أخذنا منهم الخبرات؛ لأنه بصراحة ما كان عندنا هيئة أفلام، وما كان هناك مظلة نكون تحتها، غير أن نأخذ إذن من وزارة الثقافة.

ثم وصلنا إلى مرحلة أن نقدم قصصنا بأنفسنا، فكانت فكرة الفيلم الوثائقي “حق المرأة”، الذي اسمه “رايز” عن تاريخ المرأة السعودية، لأننا نحب أن نوصل صوتنا بأنفسنا كسيدات، وعندما تم عرضه في الدورة 33 من أيام قرطاج السينمائية، وصلني اعتراض من بعض الرجال الذين حضروه، فقالوا لي لماذا لم تشاركوا الرجل في قصة المرأة. وكان هذا مقصودًا في عدم اختيار الرجل لرواية قصصنا كسيدات سعوديات.

حاولت ودانيا الحمراوي أن نوصل صورة المرأة السعودية والشعب السعودي من خلال نقل قصصنا بأنفسنا للمجتمع الغربي.

ما الهدف من فيلم رايز؟

فيلم رايز

عملنا مع 60 امرأة سعودية في مختلف أنحاء المملكة، قمنا بمقابلة مبدئية وشرحنا لهنَّ فكرة الفيلم واخترنا منهم 26 سيدة في 5 مجالات مختلفة، التعليم والسياسة والرياضة والميديا والصحة، وجعلنا كل سيدة من السيدات تتكلم عن قصتها والتحديات والصعوبات لتصل إلى المكان التي وصلته اليوم.

فكرة الفيلم كانت مرتكزة على إيصال صوت هؤلاء السيدات، وأيضًا نبرز للجيل الصاعد أن الحياة، لم تكن بهذه السهولة، فهؤلاء النسوة اللاتي سبقنكنَّ فتحوا لكم أبوابًا لتصبح حياتكم أسهل، فهذا هو تقريبًا الهدف من الفيلم.

في فيلم رايز أو حق السيدات عملنا مع 60 امرأة سعودية في مختلف أنحاء المملكة، اخترنا منهم 26 سيدة متميزات في مجال أعمالهم، واستمرَّ العمل مدة 5 سنوات.

إنتاج الأفلام الوثائقية أمر ليس سهلًا، فما الصعوبات التي واجهتها في تقديم هذه النوعية من الأفلام؟

عندما بدأنا الاشتغال في مجال الأفلام الوثائقية، ما كان يوجد أحد سبقنا إلى هذا المجال. الأفلام الوثائقية تختلف عن الأفلام الروائية؛ لأن الأفلام الروائية تعتمد على السيناريو، وهذا ما يتطلب وقتًا محددًا للتصوير، وسيناريو يتوافق عليه في المونتير، أما فيما يتعلق بالأفلام الوثائقية فأنتِ تحاولين أن تكتسبي ثقة الناس فيكِ، لكي يفتحوا قلبهم لك، ويسردون قصصهم الشخصية، ويفتحو لك بيوتهم، هذه كانت بالنسبة إلينا أكبر التحديات؛ لأننا في مجتمع فيه خصوصية كبيرة، وحين بدأ المجتمع ينفتح فصار أسهل. والآن نحن بصدد فيلم “ديرة أجدادي” الذي يهتم بالكبار من ذوي الإعاقة الذهنية، وهؤلاء دخلنا على بيوتهم. ولكن عندما أنجزنا فيلم “رايز حق السيدات”، كان هناك صعوبة من ناحية الخصوصية، فالناس لا تريد أن تدخلك في حياتها الشخصية. هذه من التحديات التي نواجهها في الأفلام الوثائقية، وهذا يتطلب محبة وثقة كلِّ الشخصيات.

فالأفلام الوثائقية تأخذ وقتًا وزمنًا، وقد أخذت منا 5 سنوات من بدايته إلى نهايته كي نكمله، فكسب ثقة الناس وموافقتها على أن تروي قصتها أمر ليس بسهل، أما فيما يتعلق بمسألة التمويل فنحن دعمنا الفيلم بأنفسنا في البدايات. والفيلم فاز في مسابقة ضوء كفيلم مكتمل، كي يقدمونا للتسويق، ولكن لم نكسب ما يساوي كلفة الفيلم، وكل فيلم ننجزه هو من حبنا لهذا المجال، ولو كان للربح كنا تركنا المجال من زمان. أما فيلم “ديرة أجداي” فكتبت مع دانيا الحمراني فكرته. وحدث أن فاز الفيلم في مسابقة ضوء، وجاءنا دعم من هيئة الأفلام، ولن تصدقي فرحتنا بهذا، فنحن لما بدأنا ما كانت توجد مظلة نكون تحتها.

كيف تسهم مواكبة المهرجانات في دعم الأفلام؟

دائمًا في مجال الأفلام هناك أشياء جديدة، ودائمًا تتعلمين من الناس، وقوة منتج الأفلام ومخرج الأفلام تتمحور في شبكة العلاقات بالمجتمع الخارجي، فنحن كان بالنسبة لنا حضور المهرجانات المختلفة بناء هذه العلاقات، والتعرف على ثقافات مختلفة، والتعرف على مخرجين لهم وجهات نظر مختلفة، ولهم فكر مختلف.

إلى أي مدى نجحت المرأة السعودية في إبراز كينونتها أمام أضواء كاميرا الإبداع؟

عندما جاءت هيئة الأفلام وفتحت المجال لصناعة الأفلام، وجدنا إبداعات ظهرت بسرعة؛ لأنه كان هناك استعداد. أنا ودانيا الحمراني دربنا 25 طالبة وطالبًا في 2019 عن كيفية إنجاز فيلم وثائقي، وهناك فيلم لإحدى الطالبات صار على نتفليكس.  فتخيلي قابلية هؤلاء للتعلم وجاهزيتهم لذلك، فالمستقبل واعد، وأصبح لدينا نساء مخرجات وممثلات، كلهنَّ لديهن أخلاقيات العمل، ورؤية وخطة واضحة، مدارها سؤال/ كيف يصلن للهدف بعمل وجهد مثابر؟

ما طموحاتك المستقبلية؟

كل ما نقوم بإنتاجه نترجمه. نريد توصيل صوتنا للمجتمع الغربي والمجتمع خارج المملكة، وهذا كان من أهداف الفيلم، فأغلب أفلامنا كانت موجهة للمجتمع الخارجي وليس الداخلي. فيلم “رايز” عندما عرضناه في فوكس سينما لقي من المجتمع السعودي تأثرًا كبيرًا، مع أن الفيلم أنجز للمجتمع الخارجي.

كذلك فيلم “ديرة أجدادي” ستنجز له ترجمة، وسيكون فيلمًا نشارك به في مهرجانات عالمية، وكذلك سيعرض في قنوات مختلفة. فكل أفلامنا لا تقتصر على الدائرة المحلية، وهدفنا العمل على مشاريع مختلفة. ففي مجال التدريب يأتون إلينا من عدة مدارس مختلفة، ولهم شغف بالأفلام، يعني هنالك مخرجون ومنتجون تدربوا معنا منذ بداياتنا فأصبحوا معروفين، كعلي العطاس، وفؤاد الخطيب.

فاصل اعلاني