أيقونة السينما الفرنسية جولييت بينوش: الخطر هو البقاء على الحافة وعدم الغوص عميقًا
30 July، 2022
إعداد: عبدالله بن محمد
منذ بداية مسيرتها كانت جولييت بينوش، الممثّلة الفرنسية والعالمية، لا تعرف الملل، رغم أنها آثرت الابتعاد عن الدائرة الجهنمية لهوليوود، وفضّلت التركيز أكثر على الإنتاجات الأوروبية، كما يتضّح ذلك في الأفلام التي أنتجتها مع منتجين متنوّعين على غرار هو هسياو هسين في “رحلة البالون الأحمر”، وأوليفر أساياس في “وقت الصيف”، وسيدريك كلابيش في “باريس”، أو عاموس جيتاي في “فكّ الارتباط”. يمكن تشبيه بينوش بالمسافر المغامر؛ تشعرنا برغبة قويّة في استكشاف الآفاق الجديدة، والسفر في عوالم السينما. بعد كل فيلم، يترسّخ عشقها لفنّها، وتزداد شهيتها لكل عمل يفتح لها آفاقا جديدة. إضافة إلى ذلك، عُرفت الممثلة بتجسيد أدوارها بحب وتفانٍ، من منطلق قناعة راسخة بأن التمثيل لا يجب أن يكون مجرّد وظيفة، بل حياة تعيشها لحظة بلحظة. وهكذا، على امتداد عقود، حافظت جوليت بينوش على نجاحاتها وانتقاء أدوارها بعناية، سواء بالإنجليزية أو الفرنسية.
ولدت جولييت بينوش، في 9 مارس 1964 في باريس لوالد نحّات ومخرج، وأم مُدرّسة ومُخرجة وممثّلة. بعد أن التحقت في سن الخامسة عشر بمدرسة ثانوية متخصّصة في دراسة الفنون ثم بالكونسرفتوار الوطني للفنون الدرامية في باريس، بدأت مسيرتها المبكّرة وجذبت أنظار الجميع كممثلة واعدة بعد مسيرة “استثنائية” يمكن أن يُطلق عليها “عالمية” بحق، كانت فيها بينوش قاسمًا مشتركًا في أفلام عدد من أهم وأعظم المخرجين العالميين. كما عُرفت بأدوارها المتميّزة في عدّة أفلام من بينها “المريض الإنجليزي”، و”الحصار على السطح”، و”أرملة سانت بيير”، و”نسخة طبق الأصل”.
ورغم شغفها بالتصوير، لا تكتفي جولييت باستكشاف المشاهد السينمائية، فهي تكرّس وقتها للرسم، هوايتها الفريدة التي تمارسها خلال فترات التوقّف النادرة التي يتركها نشاطها في التمثيل. ترسم وتصوّر بورتريهات لأشخاص من حولها، ولمنتجي الأفلام الذين عملت معهم. وقد ظهر عدد من لوحاتها في بعض أفلامها، كما صمّمت بوسترات لأكثر من فيلم شاركت فيه. وارتبط اسم الممثلة الفرنسية الأشهر بلا منازع بحب المخاطرة. هذا البعد الآخر في شخصيتها منح جسدها استكشاف طاقاتها الكامنة منذ البداية، عندما بدأت مسيرتها في أفلام “حياة عائلة” لجاك دويلون، “أحييك ماري” لجون لوك غودار، أو مع باسكال كاني في “ليبرتي بيل”. وبالتدقيق في مسار تجربتها، نتبيّن جولييت بينوش الممثلة التي تختار دائمًا الخيارات القوية والاستثنائية.
ترسم وتصوّر بورتريهات لأشخاص من حولها، ولمنتجي الأفلام الذين عملت معهم. وقد ظهر عدد من لوحاتها في بعض أفلامها، كما صمّمت بوسترات لأكثر من فيلم شاركت فيه.
جولييت بينوش ممثّلة تتحدّث عن نفسها. نجدها في أفلام لمنتجين اختاروها واختارتهم. لكنها أيضا من خلال فيلمها الداخلي، وقصتها الخاصة تلك التي تخبرها لنفسها، إلى جانب الدور الذي تؤديه. إنها بحاجة إلى هذه الحياة المزدوجة، هذا العالم مزدوج النطاق، لتكون هذه الممثلة العالمية المتميّزة. هل هو سر تريد الاحتفاظ به لنفسها بدافع الغيرة؟ أم أنه أسلوب حياة طوّرته بحكمتها المعهودة؟ قد لا نعرف ذلك تحديدا. لكن يمكن أن نشعر به، ونراه، عندما يُنقل إلى الشاشة. في جميع أعمالها تكون جولييت بينوش حاضرة جسديًا ومتألقة في أدوارها. ثم، تنسحب بهدوء فتختفي لفترة غير محسوسة، وتبتعد جانبا، دون أن تشعرنا بذلك تقريبًا. وكأن جولييت بينوش بحاجة إلى هذه الرحلة الحميمة، رحلتها الخاصة، حتى تكون في أريحية تامة في تقمّص شخصياتها وأدوارها الجديدة.
وبالتدقيق في مسار تجربتها، نتبيّن جولييت بينوش الممثلة التي تختار دائمًا الخيارات القوية والاستثنائية.
وفي كل إطلالاتها الساحرة والمتميّزة، يظل جمالها يخطف الأنظار إلى جانب غموض شخصيتها الفريدة. إنها أيقونة السينما الفرنسية والعالمية بلا منازع. بعد أكثر من 60 فيلمًا، لا تزال تحتفظ بكامل طاقاتها الشبابية التي لا تشبع فضولها، وقدراتها الكبيرة، وتصوّرها الراديكالي إلى حد ما لمهنة التمثيل. في مقابلة مع مجلة “بريمير” عام 2012، قالت جولييت بينوش إن: “ما يحفّزني هو الرغبة في تجربة الإحساس بالدوّار والشّغف”. وأضافت: “تعجبني اللحظة التي نختفي فيها لنسمح للآخر بالوجود (…) الخطر لا يخيفني إذا كان من اختياري. ما أعتبره خطرا بحق هو البقاء على الحافة وعدم الغوص عميقًا”.
يمكن تشبيه جولييت بينوش بالمسافر المغامر؛ تشعرنا برغبة قويّة في استكشاف الآفاق الجديدة، والسفر في عوالم السينما.
النجمة الجديدة
في منتصف الثمانينيات، مثّلت جولييت بينوش الاكتشاف الجديد والمذهل للسينما الفرنسية. وعلى فترات قصيرة، ظهرت في أعمال متنوّعة مثل “موعد” (1985) لأندريه تيتشني، و”الدم السيئ” ( (1986للمنتج ليوس كاراكس، وأظهرت فيهما جولييت بينوش مزيجا من الطاقة الخام والحساسية المرهفة. ومع معاصريها، ونخص بالذكر ساندرين بونير وبياتريس داللي، شكّلت جولييت بينوش جيلا جديدا من الممثلات اللواتي أدخلن تقنية إدراج قصّة داخل القصّة.
تمزج بينوش بين الواقعي والخيالي بشكل مفرط في بعض الأحيان، كما هي الحال في “العشّاق على الجسر” ( (1991 للمنتج ليوس كاراكس، ضمن سرد لعلاقة حب قويّة يتردّد صداها في الواقع بين المخرج والممثلة. “تركتُ ليوس كاراكس لفترة من الوقت بسبب مشهد كتبه يشكّك في حبّي له. في ذلك الوقت، كان الأمر مهينًا بالنسبة لي، كنت صغيرة ومندفعة. لم أرغب في تمثيل ما كتبه، بدا لي أنه لا يطاق. في النهاية ألغى كاراكس المشهد الذي أغضبني”. لكن فيلم “العشّاق على الجسر”، قد خدم بشكل عكسي، مهنة جولييت بينوش، المعروفة بحبها للمغامرة.
أمّا مشاركتها في ثلاثية “الألوان” مع المخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي فقد أضفت على مسيرتها طابع العالمية وفتحت لها أبواب هوليوود على مصراعيها، وصولا لنجاحها الساحق في فيلم “المريض الإنجليزي”، الذي مكنّها من الفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة. منذ ذلك الحين، عملت جولييت بينوش مع عدد كبير من منتجي الأفلام، والقائمة مذهلة: غودار، بورمان، هانيك، فيرارا، كياروستامي، هسياو سيان، كروننبرج، دومون.. إنها تشهد على قوتها الجاذبة على امتداد أكثر من أربعة عقود، لتجعل منها سفيرة بنكهة فرنسية خالصة ولسينما دولية مؤكدة، وهي قلبها النابض بلا كلل.
مشاركتها في ثلاثية “الألوان” مع البولندي كيشلوفسكي أضفت على مسيرتها طابع العالمية وفتحت لها أبواب هوليوود على مصراعيها، وصولا لنجاحها الساحق في فيلم “المريض الإنجليزي”.
وهكذا نحتت الممثلة عن جدارة مسيرتها الزاخرة بالأعمال في السينما الأوروبية والأميركية وأحرزت كل الجوائز التي يمكن أن تحلم بها ممثلة، حيثُ جمعت بين الفالوب الذهبي لمهرجان فينيسا والسيزار الفرنسي كأحسن ممثلة سنة 1994 عن فيلم كيلسوفسكي “أزرق”، وتبعته بالجمع بين دب مهرجان برلين والأوسكار عن فيلم “المريض الإنجليزي” سنة 1996، وفازت بجائزة الفيلم الأوروبي ثلاث مرّات، وكانت آخر جوائزها الرفيعة هي نيلها جائزة كان.
رئاسة مستحقّة
لكن السّاحة الفنيّة لا تتوفّر على مثل هذه المواهب النسائية الرائعة وبمثل هذا التأثير خارج الحدود. وقد تشترك جولييت بينوش بسمات فريدة مع الأمريكية جوليان مور، رغم أنها فازت بجائزة أفضل ممثّلة في أكبر ثلاثة مهرجانات في العالم، كان، والبندقية، وبرلين. وقائمة طويلة من التتويجات، ما زالت مصرّة في كل مرّة على التتويج، وأي تتويج! إنه نادرا ما يسند لممثلة مهمة رئيس لجنة تحكيم مهرجان كبير في حجم كان، وقد كان لها ذلك في مهرجان كابور، في عام 2015.
اختيرت جولييت بينوش أيضا لترأس لجنة تحكيم في مهرجان برلينال في دورته التاسعة والستين، أحد أكثر التظاهرات السينمائية الدولية احترامًا. أما رئيسها، ديتر كوسليك، فقد تحدث أيضًا بحماسة عن الممثلة الفرنسية. “يسعدني أن تكون جولييت بينوش رئيس لجنة التحكيم الدولية لعام 2019. هذا المهرجان الذي تشترك معه بروابط قوية، ويسعدني أنها تعود إلى هذا المنصب المرموق”. وردّت جولييت بينوش على هذا الإعلان والتكريم قائلة: “إنه أمر لا يصدق بالنسبة لي! أخطّط بالفعل لهذا الاجتماع الخاص مع هيئة المحلفين بأكملها وسأقوم بمهمتي بسعادة واهتمام”.
بعد انتهاء المهرجان، عادت جولييت بينوش مجدّدا لتصوير قصة السيرة الذاتية “رصيف ويسترهام” بقلم فلورنس أوبيناس للمخرج السينمائي إيمانويل كاريير. وكان لها دور الصحفية الشهيرة التي تسلّلت لعالم النساء العاطلات عن العمل لتكشف عن كواليس أوضاعهن الهشّة. وكان من المقرّر أن يكون الفيلم جاهزا لمهرجان برلين 2020، بل حتى مهرجان كان بفرنسا، لولا جائحة كورونا التي تأجلت بسببها كل التظاهرات السينمائية في جميع بلدان العالم.
“ما يحفّزني هو الرغبة في تجربة الإحساس بالدوّار والشّغف”. و”تعجبني اللحظة التي نختفي فيها لنسمح للآخر بالوجود”.
الإشعاع العالمي
كان اختيار جولييت بينوش لجل أفلامها الستين على امتداد مسيرتها لأكثر من 35 عامًا تقريبًا ناجحا، ناهيك عن إتقانها فنون المسرح والرقص، وإن كانت بدرجة أقل. بدأت بينوش مسيرتها مبكّرا، عندما كانت فتاة تعمل صرافًا في متجر متعدّد الأقسام، وحصلت على دور صغير في فيلم “أحييك ماري” لجون لوك غودار. كان رئيس المتجر يرغب في بقائها، لكنها اختارت التمثيل. تتذكّر كيف أُجبرت على الإقامة في فندق مع طاقم الفيلم لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، وكان خلالها جون لوك غودار لا يبدأ التصوير إلا إذا رغب في ذلك، وغالبًا لا يفعل. “لقد جعلني أفهم أن تصوير مشهد ما يجب أن ينبع من تجربة شخصية عميقة. إنه لا يمكن أن يكون [من] رحم آلة”.
أما دورها في فيلم “موعد” (1984) لأندريه تيتشني فقد مثّل نجاحا لافتا. بنظرة إلى الوراء، وصفت جولييت بينوش عملها بالتجربة الصعبة بسبب ما تضمنه من مشاهد خشنة. وتتذكّر قائلة: “كانت هناك مشاهد صعبة (غالبًا جريئة)، لكن أندريه تيتشني كان أيضًا متفهّما لمخاوفي”. وبعدها انتقلت إلى إنجلترا لتكسب ودّ جمهور دولي خاصة بعد فيلم فيليب كوفمان “وجود لا تحتمل خفته” (1984)، المقتبس من الرواية التشيكية لميلان كونديرا. وفي الوقت نفسه كانت ترفض دعوات هوليوود المغرية بشكل متكرّر. لم تكن بينوش تسعى وراء حلم في هوليوود، لكنها كانت متعطشة للعالمية. “ثلاثة ألوان: أزرق”، للمخرج البولندي كريستوف كيشلوفسكي، تحوّل إلى واحد من أفضل عروضها وأكثرها تأثيرًا على الإطلاق. تتذكّر كيف كان العمل معه مختلفا للغاية (مقارنة بمنتجي الأفلام الفرنسيين). لم تكن هناك مشاهد متعدّدة. كان يتدرب ثم يصوّر مرة واحدة فقط للضغط على تكاليف الفيلم الباهظة.
وتضيف جولييت بينوش: “كل مخرج، وكل فيلم، مختلف عن الآخر. أنا لا أستعدّ بالطريقة نفسها. كما أن العمل مع المخرج نفسه لا يبدو تكرارا.. قد تكون المواضيع، والأحاسيس، والأماكن، والمشاركات كلها مختلفة”. لذلك، عملت عن طيب خاطر لمدة عامين ونصف في “العشّاق على الجسر” مع ليوس كاراكس الذي كان ينتظر منها أن تعيش كمتشردة، بلا مأوى، غالبًا في أماكن عالية الخطورة. وتقول جولييت بينوش: “كان ذلك التزاما منّي بالفيلم”.
دور المنتجين
بفضل فيلم أنتوني مينغيلا “المريض الإنجليزي” (الذي مكّنها من الفوز بجائزة الأوسكار) و”شوكولاتة” للمخرج السويدي لاسي هالستروم، ظلت جولييت بينوش تخطف الأضواء العالمية. على مرّ السنين، ظلت جولييت بينوش ملتزمة بالسينما الفرنسية، التجارية والفنية، ولكنها عملت أيضًا مع مجموعة من المؤلفين من السينما الدولية؛ آسيا على وجه التحديد: عباس كياروستامي في “نسخة مطابقة للأصل”، ونعومي كاواسي في “الرؤية”، هو هسياو هسين “رحلة البالون الأحمر”، والآن مع المخرج الياباني المميّز هيروكازو كوري-إيدا في “الحقيقة”، الفيلم الافتتاحي لمهرجان البندقية السينمائي هذا العام. وقد عُرض في مختلف قاعات السينما حول العالم، غالبًا بحضور الممثلة، وآخرها في ماكاو الصينية.
وقد كانت جولييت بينوش على علاقة مع هيروكازو كوري-إيدا لمدة 12 عامًا حتى تحقّق مشروعهما بعد لقائهما في كيوتو. “لقد كانت قفزة كبيرة بالنسبة لها”، أن تخوض تجربة التصوير في بلد ولغة وثقافة غريبة. “أنت تحاول دائمًا تطوير نفسك في كل فيلم جديد. والمخاطرة بالانتقال إلى بلد آخر طريقة جيّدة لتجديد نفسك، والعالم الذي تكتشفه”. ما يعجبني في المخرج هيروكازو كوري-إيدا هو أنه لم يكن “توجيهيا” صارما. وتضيف: “كان يسمح لنا بأن نقوم بما نريد”، وهو ما ساعدها على تضمين عنصر الدراما والصراع في أداء دورها الرئيسي في الفيلم.
مغامرات جديدة
إن العمل في بيئة سينمائية “عالمية” يضفى إحساسا فطريا بالفضول للتعلّم والسفر (في الداخل والخارج) والعمل مع مجموعة متنوّعة من الفنانين. “لقد شعرت بأني قريبة من الأشخاص الذين قدموا من عوالم مختلفة للغاية.. إنها أشبه بمغامرة جديدة، أنت تجدّد نفسك، وتتعلّم من لقاءات جديدة تحمل في طياتها تقاليد مختلفة. لذا، كممثلة، أريد أن أذهب في رحلة لا أعرف تفاصيلها بعد.. من الممكن أن اهتمامي بالسينما الآسيوية على وجه التحديد يعود إلى صديق صيني قديم. وجود أصدقاء حول العالم “طريقة جيّدة لمعرفة العالم”.
كممثلة، أريد أن أذهب في رحلة لا أعرف تفاصيلها بعد.
بالنسبة لجولييت بينوش، فإن الأخذ والعطاء بين الممثل والمخرج أشبه بحركات الرقص. إنه يتعلق أيضًا بالصمت. “أنت تعمل مع الروح، لذلك معرفة الشخص تكون عبر سبر أغواره”. لكن هل كانت التجربة مختلفة مع منتجي الأفلام الآسيوية؟ مع كاتب السيناريو والمنتج التايواني هيساو-هايسن هو، كانت الطبيعة مهمّة للغاية. “كان الأمر أشبه بدخول عالم جديد. في غياب النص والحوار، كنّا نعتمد الارتجال والعمل في مقاطع طويلة. وهو ما سمح لي بأن أكون جزءًا من التحضير بطريقة لم أشارك فيها من قبل. طلب مني أن أحضر أشياء من بيتي وأن أجعل منها مجموعتي الخاصة. سجّاد وستائر وحقائب. عندما تستعد كثيرًا، فإن أول مشهد يصبح شيئًا مختلفا”.
وفي جانب آخر، السينما الآسيوية تدور أيضًا حول موضوع الرقابة، “وهو أمر لم نواجهه في فرنسا.. أريد أن أكون حرة، وسأكون حرّة. كممثلين، تعترضنا العراقيل. لكن يجب عليك أن تجد طريقك لتحرير نفسك. هناك دائمًا طرق للتعبير مهما كانت الصعوبات.. لقد تعلم كياروستامي أن يكون بنفسه داخل الحدود”.
وعدت جولييت بينوش بالعمل مع المخرج الصيني يينان دياوو، والقائمة طويلة من المخرجين الذين أبدت استعدادها للعمل معهم. “يجب عليك أن تعرف ما الذي جئت من أجله، ومع القليل من الحظ، ستتحقّق مشاريعك. يجب عليك فقط أن ترسل الأفكار الصحيحة. وفي الوقت نفسه، العمل بجد، لأنه لا شيء يأتي بدون عمل”. وتضيف: “لا أعتقد أنني سأقول في يوم ما قد وصلت”. ما تحبه جولييت بينوش في التمثيل والسينما هو أنهما شيئان مختلفان. “هناك دائمًا الخطوة التالية، والتحوّل التالي”. وهذا ما تؤمن به وتعيش من أجله.. “هدفي دائمًا أن أسعى للعثور على شيء جديد لم أفعله من قبل. التكرار يبدو أشبه بحالة الموت. أما الإبداع فيخلق الأفكار الجديدة. شيء ما سيحدث ولكنك لا تعرف ماذا أو متى. إذن أنت تتقدم نحو تلك اللحظة”.