چون تول … تجلّيات العين المُدهشة وميراث الحساسية المُفرِطة
13 June، 2023
إعداد وترجمة محمد عبدالهادي
“في الأيّام الخوالي، كان علىٰ المُصوِّرين السينمائيين الطوامِح الالتحاق بالنِّقابة، وشقِّ طريقهم نحو تعلُّم الحِرفة، طوال الوقت؛ وإنْ كانوا محظوظين، سيجدون الإرشاد مِنْ بعض الرجال الجيّدين؛ چون، هو آخر الأمثلة علىٰ ذلك” يقول المُصوّر السينمائيّ الأمريكيّ كاليب ديشانيل، في حديثه إلىٰ المجلّة الأمريكيّة السينمائيّة Variety عن زميل مهنته، مدير التصوير السينمائيّ الشهير چون تول. “عَمَل تول مع العديد مِنْ مديري التصوير الرائعين، بكثيرٍ مِنَ التركيز والعَزْم علىٰ التَّعَلُّم مِنهم” قَبْل أنْ يُضيف: “اليوم، هناك الكثير مِنَ الاتجاهات الفنيّة، حيث يندفع الناس في تصوير المشاهِد، دون خبرةٍ كافيةٍ.
العديد مِنَ الأفلام التي صوَّر خلالها چون معاركًا طاحنةً، كانت ستنقَلِب إلىٰ فوضىٰ عارمةٍ، بين أيدي مُصوّرٍ أكثر خِفَّةً مِنه. يُحافظ چون علىٰ فنِّه؛ بسبب إتقانه لجميع الأدوات المُتاحة، ومهاراته في تَرْك الجُمهور مُتورّطًا داخل الانفعال النفسيّ للمشهد”.
ولع بالتصوير
تتكلَّم أعمال تول عن نفسها، مع عناوين عريضةٍ في حجم Brave Heart وفيلم Legends of the Fall وهما العنوانان اللذان حصل بسببهما علىٰ جائزتي الأوسكار، أو حتّىٰ ملحمة المخرج الأمريكي ترانس مالِك عن الحرب العالمية الثانية The Thin Red Line الذي رشَّحه لجائزة الجمعية الأمريكيّة للمُصورين السينمائيين.
نَزَح چون تول، في عُمْر التاسعة عشرة، إلىٰ لوس أنجلوس مِنْ مَسْقَط رأسه في كليفلاند، ليدرس بالجامعة، لكنّه التحق بعملٍ في تصوير الأفلام الوثائقيّة لصالح إنتاج ديڤيد وولبر، في أوائل سبعينيات القَرْن المُنصرِم. يستحضِر تول مُتابعته للمُسعفين بالكاميرا – ومُطارَدَة سيّارات الإسعاف حَرْفِيًّا – ويتذكَّر كيف بَدَت الصُّور الناتجة عن ذلك، أكثر دراماتيكيَّة ممّا كانت عليه أمام العدسات، لقد كان مُولَعًا بالأمْر.
اضطُّر تول للعمل، بعد انتهاء دراسته، في أفلامٍ مُنخفضة التكاليف لصالح إيب وكراون، قَبْل أنْ ينتقل للعمل في التليفزيون، كمساعدٍ للكاميرا ومُتَدَرّبٍ، مع مدير التصوير آرشي دالزيل، الذي عمَل في الثلاثينات مع مؤسّس السينما الأمريكيّة سيسيل ديميل، ورفقة راؤول والِش، ألمع مخرجي عصره. “كان آرشي بالتأكيد، مدرسةً قديمةً،” يقول تول، “عندما التقيت به، في اليوم الأوّل، أراد طردي، لأنّني بشَعْرٍ طويلٍ ولحيةٍ؛ لكنّنا تغلَّبنا علىٰ تلك المُشكلة. وحال توافر الوقت، كنتُ أتسكَّع مع آرشي، وأطرحُ الاسئلة؛ كانت لديه حكاياتٌ رائعةٌ عن العمل مع سيسيل ديميل”.
ومع الوقت، أدار تول الكاميرا لمديري تصويرٍ عظماء، مثل چون الونزو، كونراد هول، الآن داڤيو وغيرهم؛ ليتعلّم الكثير وهو يُقدّم خدمته بين أيدي تلك النفائس الأسلوبيّة، التي قدَّمَت أفلامًا في حَجْم Scarface وUrban Cowboy و ،Tequila Sunrise “لمْ يكن لداڤيو طاقمٌ دائمٌ؛ لذا قدَّمَني مُدير أعماله غيرولد فريمان، وكنتُ قد عَمَلت معه مِنْ قَبْل، بينما كان داڤيو رائعًا؛ لمْ يكن عمله خاليًا مِنَ الشوائب وحَسْب، كان مُتعاوِنًا للغاية، وعلىٰ درايةٍ بتاريخ وحِرفة التصوير السينمائيّ، أفضل مِنْ أيّ شخصٍ التقيته مِنْ قَبْل!”
أدار تول الكاميرا لمديري تصويرٍ عظماء، مثل چون الونزو، كونراد هول، الآن داڤيو، وغيرهم؛ ليتعلّم الكثير وهو يُقدِّم خدمته بين أيدي تلك النفائس الأسلوبيّة.
تجربة تعليمية
في بداية الثمانينيات، طَلَب داڤيو مِنْ تول العَمَل في مشروعٍ، أسماه صغيرًا: E.T– قَبْل أنْ يُصبِح عملًا ضخْمًا في شبّاك التذاكر. يروي تول: “اتَّصَل بي داڤيو، لكي أشغَل وظيفة عامل كاميرا في عَرْض سبيلبرغ. وفي اليوم الأوّل مِنَ التصوير، قرَّر ستيڤن أنّ توثيق الفيلم أمرٌ مُهم، لكنّه أراد ذلك علىٰ فيلم 35 ملم؛ وهكذا تمّ استخدامي للتصوير وراء الكواليس. ويبدو أنّ الأمر قد سار علىٰ ما يُرام؛ حين عُدْت في اليوم التالي، طُلب مِنّي الاستمرار في التصوير مِنْ وراء الكواليس؛ كان سبيلبرغ سعيدًا بما أفعله، وبدا عليه الاستمتاع باللعب أمام الكاميرا، كُنتُ أتبعه، وأُوثِّق عمله مع الأطفال في فريق التمثيل، بينما أقوم – بشكلٍ أساسيٍّ – بإنشاء E. كشخصيّةٍ رئيسةٍ. كان أمرًا لا يُصدَّق أنْ نقوم بتسجيل العمليّة برمَّتها”. بعد الانتهاء مِنْ تصوير الفيلم، عَمَل تول علىٰ تحرير خمسين ألفًا مِنَ اللقطات، إلىٰ عيّنةٍ مُدتها عشرون دقيقةً، وتمّ عَرْض التوثيق علىٰ سبيلبرغ؛ يتذكّر تول: “لمْ ينبس ببنت شفةٍ، حتّىٰ نهاية العرض، ثمّ قال، هذا رائعٌ؛ لكن لا يُمكنني استخدامه! كان لا يرغب في التنازُل عن سِحْر E.T. كشخصيّةٍ حقيقيّةٍ حيّةٍ، لمْ يرغب لو يرىٰ النّاس أيّ شيءٍ يوحي لهم بغير ذلك.
وهكذا، وُضِع التوثيق علىٰ الرَّفّ؛ كان الأمر مُحبطًا، في ذلك الوقت، لكنّه كان علىٰ حقّ! لقد كانت تجربةً تعليميّةً رائعةً، وفريدةً مِنْ نوعها.”
طريق العودة
في النصف الثاني مِن الثمانينيات، عَمَل تول رفقة چوردن كرونانويث، في عملين: الدراما الرائعة Just Between Friends مِن إخراج آلان بيرنز، والفانتازيا الكوميديّة Peggy Sue got married التي أخرجها العظيم فرانسيس فورد كوبولا، وهو الفيلم الذي حصل بسببه كرونانويث علىٰ جائزة جمعية النقّاد الأمريكيين كأفضل مصوّر سينمائي؛ قَبْل أنْ ينخرط تول في علاقة عملٍ قويّةٍ مع المصوِّر الشّاب كونراد هول الابن، أثناء العمل علىٰ فيلم Sweet Dreams عام 1985، مِن إخراج روبي غريينبرغ؛ العلاقة التي تُعتبر نقطة تحوّل في مستقبل تول، بعْد أنْ تلقَّىٰ مكالمة عملٍ رفقة كونراد هول الأبّ، في فيلم Black Widow الذي أخرجه بوب ريفلسون.
“كان هذا الفيلم هو طريق عودة هول للتصوير السينمائيّ، بعد توقُّفٍ طال لسنوات” يقول تول، “لمْ يكن لديه مُشغِّلٌ للكاميرا، وقد تمّ ترشيحي له عن طريق كونراد الابن، كان رائعًا أنْ أعمل لأجله، وأراقبه وهو يقوم بعمله، كان متواضعًا وصادقًا، قال لي مرّةً: يبدو أنّني نسيت كيف أفعل هذا، أنا لا أعرف ما يتوجّب عليّٰ القيام به! ثم استدار إلىٰ كاميرته، وصنع شيئًا باهيًا”.
قام تول، بعد ذلك، بمساعدة كونراد في الدراما الشَّائقة Tequila sunrise ثمّ قام بالتصوير لصالح المخرج روب ليبرمان، في مسلسل الويسترن Young Riders والذي اتجه ليبرمان إلىٰ تصويره بالطريقة التجاريّة الشّائعة في ذلك الوقت؛ الإضاءة الغامرة، والإحساس الحقيقيّ الجارف الذي يخلقه تصويرٌ مُتْقَن. قام تول، في سبعة عشر يومًا صعبة، بالتصوير قُرْب غور يوسميت، خلال الشتاء، “كانت تُمطر كلَّ يومٍ، تقريبًا، لكن الأمور سارت بشكلٍ جيِّد” يقول تول، الذي ترشَّح لجائزة الجمعية الأمريكيّة عن ذلك المسلسل، قَبْل أنْ يترشَّح للأوسكار عن تصويره لفيلم Waxler “كانت تجربةٌ رائعةٌ؛ في اليوم الذي تمَّت فيه إذاعة المسلسل، كنت في تنيسي، أقوم بتصوير Waxler “
الفرصة المناسبة
نظرًا لسُمعة تول المُتزايدة؛ حصل على المزيد مِنَ الفُرص في مشاريعَ أخرىٰ، وبدلًا عن القفز إلىٰ أوّل احتمالٍ، انتظر- بصبرٍ- الفُرصة المُناسبة، التي أتت- في النهاية- مع فيلم الدراما Wind عام 1992، للمخرج كارول بالارد، والذي تمّ تصويره في بيئةٍ مليئةٍ بالتّحديات؛ علىٰ متن قاربٍ، يناهز الاثني عشر مترًا، وسط أمواجٍ عاصفةٍ في أستراليا؛ “بدا الأمْر كأنّه يستخدم مُصوِّرًا أستراليًّا، كنتُ أستمعُ إليه، بينما أفكِّر: آه يا فتىٰ، سيكون هذا الفيلم كابوسًا، كانت لديّ بعض الخبرة المحدودة، علىٰ متن قواربَ صغيرةٍ، حيث كنتُ عُرضةً للإصابة بدوار البحر” يحكي تول، “اعتقدتُ أنّ تصوير فيلمٍ كهذا، سيكون تعذيبًا خالِصًا، لكنّني أخبرتُ كارول أنّ الفكرة رائعةٌ، وكم ستكون مُمتعةً؛ لمْ أكن أريدُ أن أبدو سلبيًّا بشأن التجربة الرائعة التي كان يتوقَّعها”.
في غضون أسبوعين، كان على تول وكارول الذهاب إلىٰ أستراليا؛ لمْ يكن تول يعرف كيف سيتصرَّف، بينما كارول، الذي بدا ملَّاحًا عتيدًا، كان يعرف القوارب، وكانت لديه خطَّةٌ مُناسبةٌ “فقط احمل الكاميرا علىٰ كتفيك، وابدأ التصوير” لمْ تكن هناك أيّ فرصةٍ لفِعل المزيد!
اضطُّرَّ تول لاستخدام كاميرا Aaton 35-III المـُدمجة، الجديدة في ذلك الوقت، لجعْل المستحيل قابلًا للتحقُّق، يتذكَّر تول، “بعْد يوم تصويرٍ مؤلمٍ جدًّا، حيث وجدتُ نفسي مربوطًا إلى الطرف الخلفيّ لسطح القارب، توصَّل ديڤيد نيكولس، تقنيّ الكاميرات الأستراليّ، إلىٰ فكرةٍ رائعة”؛ صَنَع نيكولس مِسندًا مِن الألومنيوم يُمكن الجلوس عليه، كما يُتاح تحريكه، وتأمينه علىٰ أجزاءٍ عديدةٍ مِن سطح القارب، قَبْل أنْ يُشير عليه تول بصُنع عامودٍ يمرُّ بين ذراعيه، ليمكنه الضغط علىٰ ركبتيه إلىٰ أعلىٰ، وهكذا يُبقي نفسه في وضعٍ مُستقيمٍ، مع حريّته في حمل الكاميرا والتصوير بها: “كان التصوير- لا يزال- صعبًا علىٰ الجميع، لكنّنا أصبحنا فعّالين أكثر، وأضفنا كاميرا أخرىٰ؛ كنتُ أعمل أنا وكارول؛ لأنّه لا مكان علىٰ السطح لأحدٍ آخر!”
نظرًا لسُمعة تول المـُتزايدة؛ فقد حصل على المزيد مِنَ الفُرص، لكنه بدلًا من القفز إلى أوّل احتمالٍ، فقد انتظر ٍ الفُرصة المُناسبة التي أتت مع فيلم Wind عام 1992.
Legends of the Fall
لقد أراد بالارد أسلوبًا وثائقيًّا في التصوير، وهكذا خدَّمت تجارب تول السابقة علىٰ هذا العمل بشكلٍ جيّدٍ؛ لمْ تكن ميزانيّة الفيلم ضخمةً، لكن كاميرا تول لفتت الانتباه، وصَنَعَت العَظَمَة. وسرعان ما تمّ تقديم تول للمخرج إدوارد زويك، ليعمل في فيلمه القادم ذي طابع الويسترن، Legends of the Fall المـُقتبس مِن رواية چيم هاريسون، الرواية التي كان تول يعرفها جيّدًا.
أثناء لقائهما، أعجِب زويك بأسلوب تول، لكنّه كان مُتخوِّفًا من التعاقُد مع مصوِّرٍ سينمائيٍّ لا يملك في حقيبته سوىٰ فيلم واحد؛ ثمّ اقتنع بالمُجازَفة في نهاية الأمر.
وضَع زويك وتول طاقةً هائلةً، في محاولة الاستفادة مِنَ الجَمال الطبيعيّ لموقع التصوير، وبذلا جهدًا كبيرًا في جَعْل الإضاءة تبدو حقيقيّةً قَدْر الإمكان؛ كان هذا يعني التخطيط للاستفادة مِنَ الضوء الطبيعيّ، والتصوير في أفضل أوقات اليوم، لكن، هل كان الجدول الزمنيّ مُمكِنًا دائمًا؟ يقول تول: “أثناء الإعداد، فحصنا السيناريو، وحاولنا تحديد أوقاتٍ مُعيّنةٍ في اليوم، أو مُجاراة ظروف الطقس، كوسيلةٍ لدعْم أجزاءٍ مُختلفةٍ مِنَ القِصَّة؛ لمْ نكن قادرين، دائمًا، علىٰ الالتزام بهذه الخطَّة، بينما بذل زويك جهدًا كبيرًا لدعم هذه الفكرة قَدْر الإمكان”.
Brave Heart
حازت جهود تول، في ذلك الفيلم، على ثناءٍ واسع النِطاق، تُوِّجَت بجائزة الأوسكار لأفضل تصويرٍ سينمائيّ، لكن قبْل إطلاق الفيلم للعرض، بأشهرٍ قليلةٍ، حَدَث ما مِن شأنه أنْ يرفع أسهم تول إلىٰ القِمَّة؛ كان ميل چيبسون يستعدُّ لخوض تجربته الإخراجيّة الثانية، الدراما الملحميّة Brave Heart ، وطلب مِن زويك أنْ يرىٰ بعض المشاهد قيد التحرير، يقول تول: “بعْد أنْ تابع ميل ما يناهز النصف ساعة مِن الفيلم، تلقّيت مكالمةً لمـُقابلته. قالوا إنّه سيؤدي دور البطولة في فيلمٍ عن أسكتلندا. بدا الأمر غريبًا؛ اعتقدتُ أنّه لن يكون مُعقَّدًا للغاية، إذا كان يقوم بالإخراج والتمثيل معًا، ثمّ أرسلوا لي السيناريو قبل اللقاء بساعتين. كان فيه معارِكُ محدودةً؛ لذلك فهمتُ مدىٰ تعقيده، كنتُ أقرأ السيناريو وأفكِّر: لا يُمكن أنْ يكونوا جادِّين!”.
خلال الاجتماع، سأل ميل عن تصوّر تول حيال التعامل مع القصّة الطموحة؛ ولأنّ ما قاله تول قد أعجبه، ومثلما فعل زويك، وظَّفه ميل فورًا، رغم إمكانية الاستعانة بمصورٍ سينمائيٍّ لديه الكثير مِنَ الخبرة. يحكي تول: “ظللت أسأل نفسي، إنْ كان سيستيقظ ذات صباحٍ، وهو يُفكّر في الخطأ الذي كان يرتكبه!”؛ لكن النتيجة كانت حصول الفيلم علىٰ العديد مِنَ الجوائز، علىٰ رأسها الأوسكار الثانية علىٰ التوالي لتول، كأفضل تصويرٍ سينمائيٍّ، فضلًا عن جائزة الجمعية الأمريكيّة للتصوير المُتميّز.
“فجأة، كان الناس يسألون: مَن هذا الرجل بحقّ الجحيم؟!” قال تول وهو يضحك، “كنتُ بحلول ذلك الوقت، أعرف- بدهيًّا- كيفيّة القيام ببعض الأشياء؛ يرجع ذلك- جزئيًّا- إلىٰ أنّني تعلَّمت العمليّة الإبداعيّة مِن بعض أفضل صانعيها حول العالَم”.
ومع لائحةٍ لاحقةٍ مِنَ الأعمال التي يُحسَد عليها؛ كان يُظهِر، دائمًا، تكوينًا شديد الحساسية، فضلًا عن حركةٍ جريئةٍ للكاميرا، تؤكّد، بمهارةٍ، علىٰ الجوّ العام للرواية.
حتَّىٰ أنّه استخدم، في فيلم The Thin Red Line كاميراتٍ محمولةٍ علىٰ روافع، لأجْل اختلاق ذلك التوتّر المشؤوم، الذي لا يخلو مِنْ شاعريّة!
عَمَل تول، بعدها، في العديد مِنَ الأفلام الناجحة، مثل The Rainmaker ، Vanilla Sky ، The Last Samurai ، وThe Iron Man3 ، لكنّه، ومُنذ عام 2012 عَكَف على أعمالٍ مثل Cloud Atlas و Jupiter Ascending فضلًا عن المـُسلسل التليفزيونيّ Sense8، الأعمال الثلاثة التي تُظهِر تغيُّرًا هائلًا في أسلوبه، ورغبةً في اتّخاذ مغامرةٍ محسوبة، لطَرْق صناعة الأفلام الرقميّة، التي توَّجَها إبان 2021 في تصويره The Matrix Resurrections .
مع لائحةٍ لاحقةٍ مِنَ الأعمال التي يُحسَد عليها؛ كان يُظهِر دائمًا، تكوينًا شديد الحساسية، فضلًا عن حركةٍ جريئةٍ للكاميرا، تؤكّد بمهارةٍ، على الجوّ العام للرواية.
ألقى تول خطابًا قصيرًا، حال فوزه بجائزة الجمعيّة الأمريكيّة للمصوّرين السينمائيين، لمدى الحياة، في 2016، قال فيه: “أنا مدينٌ لكلّ مَنْ أعطاني فُرصة أنْ أتعلَّم ما هي هذه المِهنة، وما هو هذا المَنصِب.”
لكنّه، حال سؤاله عمّا إذا كان هناك فيلم مُعيَّن، يودُّ لو أعاد النظر فيه، وتغييره إبداعيًّا، ابتسم، وبعْد توقُّف قصيرٍ أجاب ضاحِكًا: “ربما معظمهم! أسأل لماذا يبدو هذا المشهد بهذه الطريقة؟ في ماذا كنتُ أفكّر؟ وحينما يكون الأمر جيّدًا، أشعرُ بالرضا حقًّا؛ لكن الإعجاب المـُفرِط بعملك، ربما، هو أسوأ ما يُمكن أنْ يحدث لإبداعك”.
كثيرًا ما يظْهَر ذلك التواضع، في حوارات چون تول؛ الذي قال، ذات مرَّةٍ: “أنا مُتردّدٌ، في التفكير بشأن الفيلم الرّائع، الذي قدْ تصنعه، أثناء قيامِك بصنعِه فعلًا؛ إذا أتى ذلك (يقصد مجرَّد التفكير) فإنّه يأتي لاحِقًا، أنت فقط تستمِرّ في المـُحاولة، وتبذُل قصارى جهدك، وتأمل أنْ يتحوّل إلى شيءٍ رائعٍ”